Hombre y Mujer en el Patrimonio Popular
الرجل والمرأة في التراث الشعبي
Géneros
مقدمة
هناك أكثر من تناول للنظر إلى الفولكلور أو تراثنا الشعبي العربي بما يشمله من مأثورات قد تكون أشعارا شعبية ... مواويل حمراء أو خضراء - دنيوية - أو أشعارا غنائية نمطية ذات ملمح جمعي تشارك فيها الجوقة والمغنيون الانفراديون، وهو الملمح الغالب لدى الشعوب وكيانات الجزيرة العربية شمالا وجنوبا، والمعروف بالشعر النبطي، بالإضافة للحكاية الشعبية وأنماطها، وتركة السير والملاحم التي تشكل وجدانا متوحدا لأمتنا من المحيط إلى الخليج، والذي قد يصل طول بعضها إلى عشرات الآلاف من الصفحات للهلالية، والزير سالم، والملوك التباعنة، وحمزة العرب، والأميرة ذات الهمة ... وهكذا.
وطبعا لا يقتصر أمر المأثورات الشعبية العربية على الأدبيات والفنون القولية والتعبيرية من رقص وموسيقى ومسرح مرتجل وإنشاد شعائري، بل هو يشمل الصناعات والحرف التقليدية من الإبرة حتى الصاروخ، ما بين معمار، وأزياء، وصدفيات، ومعادن، وسجاد يدوي، وزجاج، وسيراميك، وفخاريات ... إلخ.
وما يهمنا في تركة الأسلاف المتوارثة هذه، والتي لا تغفل أي ممارسة جمعية يومية حتى المطبخ وتاريخه من النيئ إلى المطبوخ، وما يهمنا هو الممارسات والسلوك اليومي تحت تأثير العادة والتوارث؛ أي: ما زال يواصل توالده الذاتي من أنماط وقنوات تراثنا العربي المتواتر منذ عصور ما قبل العلم والعقل، وأخطاره الجسيمة على بلداننا وكياناتنا العربية ... والذين يتعامون عن مدى الأخطار التي قد تقودنا، ويعرضنا لها تراث ما قبل العالم هذا، وهو التراث الذي لم تنكسر شوكته، بل لم يصبه ويعتره التغيير والتفهم الواقعي - كبناء من المتناقضات بالقدر الذي يسمح بحل أحجبته وطلاسمه، وبالقدر - حتى - المتوائم أو التقارب مع تغيير علاقات الإنتاج الذي اعترى عالمنا، ولعل أبسطها التحول البترولي الرأسمالي الذي لا يستقيم أبدا مع محاولات طبع الماضي على الحاضر، خلال سريان عمليات الخداع للحفاظ على ما يسمونه على أحسن الفروض دعاة الجبرية التاريخية والتراثية بروح التاريخ، والذي ليس في حقيقته سوى روح هؤلاء السادة أنفسهم، وإذا ما كانت الإنسانية التي نحن جزء من حركتها العامة خاضعة تماما لقانون تطورها العقلي، ولهذا حققت انتقالاتها من الفكر اللاهوتي - الطوطمي - إلى الفكر الميتافيزيقي الفلسفي، ثم من الفكر الميتافيزيقي إلى الفكر الوضعي؛ طمعا في تحقيق أقصى منفعة ممكنة.
وعلى هذا يصبح من المفيد إعادة تفهم واقعنا، والوقوف على حقيقة متناقضاتنا بنفس النهج الذي حققته المجتمعات الصناعية، وما فوق الصناعية، دون الإغراق في صدى الماضي والحاضر وسحره، وجاذبيته الخارقة ممثلا في الموروثات والممارسات والمقولات الفولكلورية والأساطير، أو بمعنى تأصيل الحاضر بخلفية الماضي حيث مولد الحضارات المصرية الفرعونية والمصرية العربية ... ولقد كانت العلاقة الحيائية الأولى من الرجل والمرأة هي صناعة الحياة نفسها وتطورها.
ومن هنا كانت نظرة التراث الشعبي إلى الحب والعشق والزواج والإنجاب ...
نظرة بسيطة وصادقة ومعبرة، وبعيدة عن التعقيدات الشكلية والمصطنعة ...
الذاكرة الشعبية الجماعية الفولكلورية
لا خلاف على أن الذاكرة الشعبية الجماعية هي ما حفظت لنا هذا التراث المتواتر منذ طفولة البشرية الأولى، وهو الفولكلور. وللذاكرة الشعبية - تحت تأثير العادة والتوارث - حضورها وإعجازها لمن خبر التعامل معها؛ ذلك أنها مخزون متواتر الحلقات، تحفظ أدق دقائق شعائر وممارسات الولادة والموت الأولى إلى أيامنا، بنفس درجة حفظها لما يصاحب التنفس والتثاؤب، وكل ما يتصل ويصاحب الانتقال من النيئ إلى المطبوخ بالنسبة لمطبخ البخار المصري، كذلك فهي ذاتها الذاكرة الشعبية أو الشفهية التي أسهمت في الكشف عن الكثير من تراث البشرية التاريخي أو الحفري الأركيولوجي، وما من مكتشف أثري - مثلا - لم يستهد ويستفد من مخزون الحكايات الشعبية، والحواديت وفابيولات الكنوز - المقابر - المدفونة، وعالم ما تحت الأرض، منذ د. فلاندوز بيتري الذي دأب على تأكيد أن هذه الخرافات التي كانت يجمعها ويستمع إليها من فلاحي الفيوم والدلتا قادته إلى اكتشاف كنوز من الآلاف المؤلفة من البرديات الأدبية والفولكلورية والتاريخية التي ينظر إليها اليوم بكل تقدير. والشيء نفسه أشار إليه ماريت، وماسبيرو، وكارتر مكتشف عصر توت عنخ أمون، وغيرهم من الرواد الأثريين الذين عملوا في حفائر ومكتشفات العالم العربي، خاصة بسوريا والعراق، أمثال: كلوديوس ريش، وسيد هنري لايارد، اللذين استفادا من ألف ليلة وليلة، والنصوص الشفهية لفلاحي العراق في مناطق أو مديريات الموصل، وجلجاميش، وتمرود، وبقية رحاب العراق.
فللذاكرة الشعبية الجماعية، أو الذاكرة الفولكلورية قدراتها وإعجازها الذي لمسته وأنا أواصل جمع شفاهيات منطقة الفيوم وبني سويف وبعض قرى المنيا والجيزة، جعلتني في النهاية أعتقد - إلى حد كبير - في الذاكرة الشعبية كعملية جدلية عقلية، تتكامل فيها عقول أجيال طولا وعرضا، أو زمانا ومكانا، وتكاد أن لا تفقد شيئا أو تفتقده من مخزونها الجمعي.
Página desconocida