El hombre que no puede ser movido
الرجل الذي لا يمكن تحريكه
Géneros
علي العلاوي.
والد الطبيب:
جاك شيلون.
الكتاب الثاني
مقدمة الكتاب الثاني
الحياة ما بعد الجسر
لا أعلم إن كانت تلك نعمة أو لعنة، لم أعد أستطيع التفريق، لكنني كنت متأكدا، أنها كانت حياتي، ولم أعرف حياة غيرها، لم يكن بإمكاني الاختيار، فقد تم إخباري من قبل باسمي (أنطوان شيلون) أخبروني أيضا بسبب وجودي هنا، أخبروني كذلك بأمور كثيرة، أنني سبق واخترت ما خصص لي من كل الاختيارات، أنني وافقت على هذا، حتى إنهم حددوا لي كل شيء، لم يكن هناك مجال لي، ولا فرصة للتساؤل، ثم إنني لم أعترض على ذلك؛ فأنا أثق ولهذه اللحظة فيما اخترت. وهذه المرة وعلى خلاف آخر مرة تم منحي وظيفة، وظيفة تليق بالشخص الذي أنا عليه الآن، ما كنت لأعترض عليها، حتى إنه لا يوجد فرصة لفعل ذلك، وإن وددت ذلك، وقد كنت أستيقظ كل يوم لأداء تلك الوظيفة، إلا أنها لم تكن كباقي الوظائف العادية، وغرابة وظيفتي تتجسد في عدم معرفتي: لصالح من أعمل؟ إلى أين اتجه إن حدث شيء ما؟ بمن أتصل في تلك الحالة؟ كنت الموظف الوحيد في هذا النوع من الوظائف، على الأقل الوحيد في هذا المكان ، وأنا أجهل إن كان هناك أماكن أخرى أشبه بهذا، وقد كنت أعيش بشقة متواضعة في آخر نقطة ببناية مهترئة، كانت بناية محترقة بالكامل، واحتراقها كان أشبه باحتراق كل الضاحية التي أقطن بها، كنت أعيش وسط دمار غريب؛ دمار هادئ بشكل مخيف، والشيء الوحيد الذي شاركني هذا الدمار هو السكون، لم يكن ليوجد أحد آخر في هذا المكان، ولا أذكر أنني رأيت شخصا من قبل، لم يكن ذلك غريبا، فقد فتحت عيني على المكان، وترسب بروحي أن العالم كله أشبه بهذا، كنت أجهل شكل العوالم الأخرى، والأهم أنني كنت أجهل إن كان هناك عالم آخر، وإن وجد فهل سيكون مغايرا عن هذا؟ وقد كان هذا المكان ثابتا مطلقا لا يتغير فيه حال من الأحوال، كان الصفر الذي أعرفه، وبداخل عقلي لم يكن ليكون للصفر شكل آخر أو معنى آخر، كان فريدا وقد شاركه هذا المكان انفراده العظيم. عشت بضاحية أشبه ببقايا حرب ما، حرب بدت وكأنها انتهت قبل زمن بعيد من بروز علامات الحياة هنا، وأنا أول تلك العلامات التي ظهرت فجأة، كنت أعتقد لفترة أنني البذرة الأولى لهذا المكان، بعد سنوات من الاندثار، أزمنة من التحطم والتلاشي الذي تظهره كل تلك الأشياء هنا، وقد كانت أجزاء المكان التي تكونه تتلاشى ببطء إلا أنها لم تكن تنتهي، وكأن الجزء المتساقط منها يعاد إلى مكانه بعد سقوطه، وكان ينتهي هذا الخراب إلى مكان ما، مكان لم أبلغه من قبل ويستمر كذلك من الطرف الآخر إلى غاية جسر حديدي صدئ، تداعت أطراف إسمنتية منه، لم يكن محترقا كالضاحية، بل كان صدئا، جسر حديدي به سكة حديدية تنتهي إلى مكان آخر بعد البحر، مكان أجهله، مكان محترق آخر على ما يبدو، والجسر هو الجزء الوحيد الذي لم أفكر يوما في تجاوزه، ليس لأنني منعت من ذلك؛ فلا أحد هنا يمنعني من فعل أي شيء، لكنه لم يخطر ببالي يوما أن أفعل ذلك، ولم أعتقد يوما أنه قد يوجد شيء ما هناك، لا شيء بعد الجسر، سوى أنه يمتد وسط البحر إلى ما لا نهاية له، وببساطة كان يبدو أن تجاوز الجسر أمر خاطئ، أشبه بارتكاب ذنب ما، وقد بدا عالمي محصورا بين البناية التي أسكنها والجسر، عالم صغير إن أنا اخترت أن أعيش وسطه، عالم لا متناه إن أنا اخترت أن أكتشف خارجه. وأذكر أن أول ليلة لي هنا، ليلة فتحت فيها عيني على المكان، كانت مرعبة، أكثر رعبا مما يمكن أن أعيشه يوما، كنت قد ركضت عاريا في كل اتجاه، وصرخت أركض لوحدي وسط هذا الدمار، وأذكر أنه لم يكن هناك من مجيب لصوتي. (يتبع ...)
Página desconocida