وذكر أبو عمر بن عبد البر (^١) من حديث حمَّاد بن زيد، عن سعيد ابن أبي صدقة، عن ابن سيرين قال: لم يكن أحدٌ (^٢) أهْيَب لما لا يعلم من أبي بكر الصديق [ق ٣٦]، ولم يكن أحدٌ بعد أبي بكر أَهْيَب لما لا يعلم من عمر، وأن أبا بكر نزلت به قضية، فلم يجد في كتاب الله تعالى منها أصلًا، ولا في السنة أثرًا، فاجتهد رأيه، ثم قال: «هذا رأيي، فإن كان صوابًا فمن الله، وإن كان خطأً فمني، وأستغفر الله».
قالوا: فهذا رأي صدِّيقيّ لم يخالف أثرًا عن رسول الله ﷺ، وهو يجوّز أن يكون خطأً، يُستغفرَ منه، فكيف برأيٍ غير صدِّيقيّ يخالف الأحاديث الثابتة عن رسول الله ﷺ وأصحابه؟!
وقال عمر ﵁: «أيها الناس، اتهموا الرأي على الدين، فلقد رأيتُني وإني لأردّ أمرَ رسول الله ﷺ برأيي، أجتهدُ ولا آلو، وذلك يوم أبي جندل والكتاب يُكْتب، فقال: اكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم، فقالوا: نكتب: باسمك اللهم، فرضي رسول الله ﷺ وأبيتُ، فقال: يا عمر، تراني قد رضيتُ وتأبى؟» (^٣).