Levantar la duda y el engaño de aquellos que justifican los pecados con el destino

Mar'i al-Karmi d. 1033 AH
11

Levantar la duda y el engaño de aquellos que justifican los pecados con el destino

رفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل المعاصي بالقدر

Investigador

أسعد محمد المغربي

Editorial

دار حراء-مكة المكرمة

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٠هـ

Ubicación del editor

السعودية

وَقَالَ الْعَلامَة ابْن الْقيم بعد تَقْرِيره نفع الدُّعَاء وَالْأَمر بِهِ وَدفعه للبلاء وَقد أعترض قوم بِأَن الْمَدْعُو بِهِ إِن كَانَ قد قدر لم يكن بُد من وُقُوعه دَعَا بِهِ العَبْد أَو لم يدع لِأَن كل مُقَدّر كَائِن كَمَا دلّت عَلَيْهِ الْآيَات الصَّرِيحَة وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَإِن لم يكن قدر لم يَقع سَأَلَهُ العَبْد أَو لم يسْأَله فظنت طَائِفَة صِحَة هَذَا الْكَلَام فَتركت الدُّعَاء وَقَالُوا لَا فَائِدَة فِيهِ قَالَ وَهَؤُلَاء مَعَ فرط جهلهم وضلالتهم متناقضون فَإِن مَذْهَبهم يُوجب تَعْطِيل جَمِيع الْأَسْبَاب فَيُقَال لأَحَدهم إِن كَانَ الشِّبَع والري قد قدرا لَك فلابد من وقوعهما أكلت أَو لم تَأْكُل شربت أَو لم تشرب فَلَا حَاجَة للْأَكْل وَالشرب وَإِن كَانَ الْوَلَد قد قدر لَك فَلَا بُد مِنْهُ وطِئت الزَّوْجَة وَالْأمة أَو لم تطَأ وَأَن لم يقدر لم يكن فَلَا حَاجَة للتزويج والتسري فَهَل يَقُول هَذَا عَاقل أَو آدَمِيّ بل الْحَيَوَان إِلَيْهِم مفطور على مُبَاشرَة الْأَسْبَاب الَّتِي بهَا قوامه ونفعه وأجتناب الَّتِي بهَا ضَرَره فالحيوان أَعقل وَأفهم من هَؤُلَاءِ الَّذين هم كالأنعام بل هم أضلّ سَبِيلا قَالَ وعَلى هَذَا فالدعاء من أقوى الْأَسْبَاب فَإِذا قدر وُقُوع الْمَدْعُو بِهِ الدُّعَاء لم يَصح أَن يُقَال لَا فَائِدَة فِي الدُّعَاء كَمَا لَا يُقَال لَا فَائِدَة فِي الْأكل وَالشرب وَجَمِيع الحركات والأعمال قَالَ ابْن تَيْمِية وَالنَّاس قد اخْتلفُوا فِي الدُّعَاء المستعقب بِقَضَاء الْحَاجَات فَزعم قوم من المبطلين متفلسفة ومتصوفة أَنه لَا فَائِدَة فِيهِ أصلا فَإِن الْمَشِيئَة الإلهية والأسباب العلوية إِمَّا أَن تكون قد أقتضت وجود الْمَطْلُوب وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَة إِلَى الدُّعَاء أَو لَا تكون اقتضته حِينَئِذٍ فَلَا ينفع الدُّعَاء وَقَالَ قوم مِمَّن يتَكَلَّم فِي الْعلم بل الدُّعَاء عَلامَة وَدلَالَة على حُصُول الْمَطْلُوب وَجعلُوا ارتباطه بالمطلوب ارتباط الدَّلِيل بالمدلول لَا ارتباط السَّبَب بالمسبب قَالَ وَالصَّوَاب مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور فِي أَن الدُّعَاء سَبَب لحُصُول الْخَيْر الْمَطْلُوب كَسَائِر الْأَسْبَاب الْمقدرَة والمشروعة وَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خير ألهمه دعاءه والاستعانة بِهِ وَجعل استعانته ودعاءه سَببا للخير الَّذِي قَضَاهُ لَهُ كَمَا أَن الله تَعَالَى إِذا أَرَادَ أَن يشْبع عبد أَو يرويهِ ألهمه أَن يَأْكُل

1 / 25