Levantando la Censura sobre los Grandes Líderes

Ibn Taimiyya d. 728 AH
51

Levantando la Censura sobre los Grandes Líderes

رفع الملام عن الأئمة الأعلام - ط العصرية

Géneros

وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الدَّوَاعِيَ مُتَوَفِّرَةٌ عَلَى نَقْلِ كِتَابِ اللَّهِ وَدِينِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْأُمَّةِ كِتْمَانُ مَا يَحْتَاجُ الناس إلَى نَقْلِهِ حُجَّةً عَامَّةً. فَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ نَقْلًا عَامًّا صَلَاة سَادِسَة، وَلَا سُورَة أُخْرَى، عَلِمْنَا يَقِينًا عَدَمَ ذَلِكَ. وَبَابُ الْوَعِيدِ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِي كُلِّ وَعِيدٍ عَلَى فِعْلٍ أَنْ يُنْقَلَ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا، كَمَا لَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي حُكْمِ ذَلِكَ الْفِعْلِ. فَثَبَتَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمُتَضَمِّنَةَ لِلْوَعِيدِ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا فِي مُقْتَضَاهَا: بِاعْتِقَادِ أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ الْفِعْلِ مُتَوَعَّدٌ بِذَلِكَ الْوَعِيدِ، لَكِنَّ لُحُوقَ الْوَعِيدِ بِهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى شُرُوطٍ؛ وَلَهُ مَوَانِعُ. وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تَظْهَرُ بِأَمْثِلَةِ: مِنْهَا: أَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: ﴿لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ﴾ (١)، وَصَحَّ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ -لِمَنْ بَاعَ صَاعَيْنِ بِصَاعِ يَدًا بِيَدِ- ﴿أوَّه، عَيْنُ الرِّبَا﴾ كَمَا قَالَ: ﴿الْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إلَّا هَاءً وَهَاءً﴾ (٢) الْحَدِيثَ.

(١) رواه مسلم عن جابر ﵁ وزاد (وقال: هم سواء) . (٢) متفق عليه من حديث عمر ﵁. وقوله: (إلا هاء وهاء) فيه لغتان: المد والقصر، والمد أفصح وأشهر، وأصله أهاك، فأُبدلت المدة من الكاف، ومعناه: خذ هذا، ويقول صاحبه مثله. والمدة مفتوحة، ويقال بالكسر أيضًا.

1 / 53