احتفظ به كشاهد مع التنبيه على ذلك ثم يتجه بعد هذه التصفية إلى البحث الذي هو في صدده فيحرره ويستدل له بما صح من الأحاديث ويتفقه فيها
واعلم يا أخي المسلم أن كل من لم ينهج هذا النهج العلمي الصحيح في بحثه فلن يصل إلى الصواب الذي ينشده إلا رمية من غير رام بل هو على الغالب ينتهي الأمر به إلى انحرافات خطيرة لا ينجيه من الوقوع فيها أنهم كانوا غير قاصدين لها ما دام أنهم لا يسلكوا السبيل التي تحفظهم من ذلك وقد قيل:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس
ولعله مما لا خفاء به أن من لم ينهج هذا النهج العلمي وأهمله فإنه معرض لأن يؤاخذه ربه لأنه قضى ما لا علم له به وقد قال تعالى في كتابه: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا﴾
وقال ﷺ َ في حديث (قاضيان في النار): (... ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار)
رواه أصحاب السنن وغيره وهو مخرج في (إرواء الغليل) برقم (٢٦١٤)
وهذا بخلاف ما لو تبنى هذا المنهج في بحثه وضم إليه - طبعا - مما لا بد من المعرفة باللغة وأصول الفقه وغيره فهو مأجور ولو أخطأ لقوله ﷺ َ:
(إذا حكم الحاكم ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد)
أخرجه الشيخان وغيرهما وهو مخرج في (الإرواء) برقم (٢٥٩٨)
وأنا حين أذكر بهذا الواجب أعلم - والأسف يملأ قلبي - أنه لا يستطيع القيامة به إذا القليل جدا من العلماء المستقلين لانصراف الجماهير منهم عن دراسة أصول الحديث وتراجم رواته وتاريخهم الأمر الذي لا بد منه لكل من يريد التمكن
1 / 50