وبغير هذا الجمع لا يمكن أن يفهم كلامه في رده على مخالفيه فانظر إلى قوله في (الحادي) (٢ / ١٨٥):
(وأما الطريق الثاني وهو دلالة القرآن على بقاء النار وعدم فنائها فإن في القرآن دليل واحد يدل على ذلك؟ نعم الذي دل عليه القرآن: أن الكفار خالدين في النار إلى الأبد وأنهم غير خارجين منها و... و... و... وليس هذا مورد النزاع وإنما النزاع في أمر آخر وهو أنه هل النار أبدية أو مما كتب عليه الفناء. قال:
(وأما كون الكفار لا يخرجون منها و﴿لا يفتر عنهم﴾ من عذابها ﴿ولا يقضى عليهم فيموتوا﴾ ﴿ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجميل في سم الخياط﴾ فلم يختلف في ذلك الصحابة والتابعون ولا أهل السنة
فهذه النصوص وأمثالها تقتضي خلودهم في دار العذاب ما دامت باقية ولا يخرجون منها مع بقائها البتة) (١)
فتأمل نقله اتفاق الصحابة ومن بعدهم على أنهم لا يدخلون الجنة كما في الآية الكريمة فإنه لا يتفق مع ميله إلى أنهم يدخلون الجنة يوما ما إلا يحمل الدخول المنفي على دخول مقرون بخروجهم نم النار والدخول المثبت على دخولهم بعد فناء النار كما ذكرنا وهذا المعنى يكاد يكون صريحا في سياق كلامه على هذه الطريق في كتابه (شفاء العليل) فإنه قال بعد الآيات النافية المتقدمة بما فيها الآية النافية لدخولهم الجنة قال (ص ٢٦٠):
(وهذه الطريق لا تدل على ما ذكروه وإنما يدل على أنها ما دامت باقية فهم فيها فأين فيها ما يدل على عدم فنائها؟)
قلت: فكأنه يريد أن يقول: وأين الدليل أيضا في الآية المذكورة على نفي
_________
(١) وقد لخص المؤلف ﵀ هذا الكلام ورد عليه في مواطن منها (ص ١١٨)
1 / 40