ولقد كان أوله في تأويلهما قول عمر على انقطاعه: (لو لبث أهل النار عدد رمل عالج لكان لهم يوم يخرجون فيه) . فاستدلا به على الفناء المزعوم وهو صريح في الخروج من النار وهما لا يقولان به وهكذا تأولوا كثيرا من الآثار بالفناء وهي في الخروج كما ستراه مفصلا في الكتاب بإذن الله تعالى
ثم قال الشيخ نعمان الآلوسي في (محاكمة الأحمدين) ص (٤٢٤):
(ونقل الوالد قدس الله تعالى روحه في (تفسيره) عن الفهامة ابن الجوزي: أنه ضعف بعض الآثار الواردة في ذلك. (ثم ذكر خبر ابن عمرو الآتي (ص ٨١) ثم قال: وأول البعض أيضا بعضها قال:
(وأنت تعلم أن خلود الكفار مما أجمع عليه المسلمون لا عبرة بالمخالف والقواطع أكثر من أن تحصى ولا يقاوم واحدا منها كثير من هذه الأخبار)
قلت: ولو كان العلم بالتمني لتمنيت أن يكون ما عزاه العلامة الشيخ جمال الدين القاسمي لابن القيم صحيحا ولكنها من أوهام العلماء فقد قال في تفسيره (محاسن التأويل) (٦ / ٢٥٠٣ - ٢٥٠٤):
(وقد بسط البحث وجود الإمام ابن القيم في كتابه (حادي الأرواح) ومع كونه انتصر لهذا القول انتصارا عظيما وذكر له خمسة وعشرين دليلا لم يصححه حيث قال: وأما أبدية النار ففيها قولان معروفان عن السلف والخلف والأصح عدم فنائها. أيضا. انتهى)
فقوله: (وأما أبدية النار ...) إلخ. إنما هو من كلام الشيخ نعمان الآلوسي كما تقدم نقله عنه توهمه الشيخ القاسمي - على ما كان عليه من الوعي - أنه من كلام ابن القيم وبناء عليه قال: (لم يصححه) فهو وهم آخر نشأ من الوهم الأول فسبحان من لا يسهو ولا يهم
هذا - ثم أن ابن القيم - عفا الله عنا وعنه لم يقنع بميله إلى القول بفناء نار الكفار وتخلصهم به من العذاب الأبدي في تلك الدار حتى طمع لهم في رحمة الله
1 / 37