ولعل من ألطاف الله تعالى بالشيخين رحمهما الله تعالى أننا لم نر أحدا - فيما أطلعنا - تبعهما على ذلك القول بالفناء فهذا شارح العقيدة الطحاوية مثلا فإنه مع كونه لا يكاد يخرج فيه عما ذهب إليه ابن تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى فإنه ههنا ذكر أدلة هذا القول ثم ذكر أدلة القول الآخر وهي ملخصة من كلام ابن القيم ولم يرجح شيئا منهما ذكر ذلك تحت قول الطحاوي المتقدم: (والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدا ولا تبيدان)
وأما العلامة السفاريني فقد رأيته تعرض للموضوع في كتابه (شرح الدرة المضية في عقد الفرق المرضية) ونقل فيه طرفا من بحث ابن القيم ولكنه صرح بمخالفته فإنه ذكر بعض الآيات المستلزمة لدوام العذاب وحديث ذبح الموت المتقدم ثم قال (٢ / ٢٣٤ - ٢٣٥):
(فثبت بما ذكرنا من الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة خلود أهل الدارين خلودا مؤبدا كل بما فيه من نعيم وعذاب أليم وعلى هذا إجماع أهل السنة والجماعة فأجمعوا أن عذاب الكفار لا ينقطع كما أن نعيم أهل الجنة لا ينقطع وقد ألف العلامة مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي رسالة سماها (توقيف الفريقين على خلود أهل الدارين)
وهذا ما ذهب إليه الشيخ نعمان الآلوسي فإنه تعرض للمسألة في كتابه (جلاء العينين في محاكمة الأحمدين) (ص ٤٢٠ - ٤٢٤) نقل فيه الأقوال السبعة في عذاب أهل النار وقال:
(وأما بداية النار ففيها قولان معروفان عن السلف والخلف والأصح عدم فنائها أيضا)
ثم قال في قول ابن تيمية:
(واعلم أن الإمام ابن القيم قدس الله تعالى روحه انتصر لهذا القول انتصارا عظيما ومال إليه ميلا جسيما وذكر خمسة وعشرين دليلا ثم رجع القهقرى
1 / 34