والمقصود أن الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وكلام العرب دل١ على أن النداء الذي هو السؤال والطلب هو مسمى الدعاء، ومعناهما واحد، ويأتي في هذا ما يكفي ويشفي إن شاء الله تعالى كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾ [الأحقاف - ٥] الآيات.
وهذا صريح في أن المراد بهذا الدعاء السؤال والطلب من غير الله، وهذه حال الميت والغائب لا يستجيب للداعي، وهو أيضا غافل عنه.
وهذا الدعاء الذي نهى الله عنه أن يقصد به غيره يجمع من أنواع العبادة كثيرا: منها أن الداعي يتوجه بوجهه وقلبه ولسانه إلى غير الله ويتضمن رجاءه والرغبة إليه والاعتماد عليه، ولذلك وصفه الله تعالى بغاية الضلال، وأخبر ان ذلك يعود عليه بالخيبة والوبال في مقام الحشر، فيخونه ذلك الدعاء أحوج ما يكون إليه.
إذا تبين هذا فالتحقيق أن بين الدعاء والنداء عموما وخصوصا مطلقا٢، فيجتمعان في السؤال والطلب إذا كان عن رغبة أو رهبة، وينفرد الدعاء إذا كان عبادة كالتسبيح والتحميد والتكبير وغير ذلك.
_________
١ في الطبعة الثانية: "دل".
٢ في الطبعة الثانية: "عموم وخصوص مطلق".
1 / 37