وكذلك قال هود وصالح وشعيب وغيرهم.
وقد أخبر الله تعالى أن المشركين يخلصون الدعاء لله في الشدائد كما قال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ، قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ﴾ [الأنعام – ٦٣ - ٦٤]
بين تعالى أنه لا ينفعهم إخلاصهم في حال دون حال، ولا ما أقروا به لله تعالى من القدرة على الاختراع كماتقدم في الآيتين، فوجب قتالهم لأنهم لم يخلصوا لله العبادة، ولم يكفروا بعبادة كل ما عبد من دونه. وهذا هو مدلول كلمة الإخلاص "لا إله إلا الله".
ومعناها: نفي الإلهية عن كل ما سوى الله تعالى، وإفراده بالإلهية، كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف - ١١٠] وقال عن خليله ﵇: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ. وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ [الزخرف - ٢٦] فتأمل كيف عبر عنها بمدلولها من النفي والإثبات.
وأخبر الله تعالى عن المشركين أنهم أبوا أن يقروا بمعناها الذي دلت عليه، كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ. وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ﴾ [الصافات - ٣٥] .
1 / 24