وبعضُ العامّة يقول في دعائه: «اللهم إنك أمرتنا أن نُعْتِق عبيدَنا ونحن عبيدك فأعتقنا، وأمرتنا أن نعفوَ عمن ظَلَمنا وقد ظلمنا أنفسنا فاعفُ عنّا، وأمرتنا أن نُحْسن إلى من أساء إلينا، وقد أسأنا إلى أنفسنا فأحْسِن إلينا». وهذا الدعاء ليس من الأدعية الشرعية النبوية التي يُحتج بها.
وفيه جَهْلٌ من وجه آخر وهو قول القائل: «وقد ظلمنا أنفسنا وأسأنا إلى أنفسنا»، فإن هذا لا يشبه عفو العافي عمن ظلمه، وإحسانه إلى من أساء إليه. فليس هو مثلًا مطابقًا لو كان التمثيل في ذلك حقًّا.
وبالجملة ففعل الربّ لا يُقاس بأفعال العباد، بل من أعظم الأصول التي أنكرها أهل السنة على المعتزلة ونحوهم من القدرية: قياس أفعال الرب على أفعال العباد وبالعكس، وقالوا: هم مُشَبِّهة الأفعال، فإنهم يجعلون الحَسَنَ من العبد والقبيحَ منه حَسَنًا من الرب وقبيحًا منه، وليس الأمر كذلك، فإنَّ الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله. والله تعالى يحبُّ من العباد أمورًا اتصف بها، كما قال النبي ﷺ: «إنّ الله وَتْرٌ يُحبُّ الوَتْر» (^١)، وقال: «إنه جميلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ» (^٢)، و«أنه نظيفٌ يحبُّ النظافة» (^٣)،