Respuesta a Shadhili en su secta, y lo que compuso sobre las maneras del camino

Ibn Taimiyya d. 728 AH
185

Respuesta a Shadhili en su secta, y lo que compuso sobre las maneras del camino

الرد على الشاذلي في حزبيه، وما صنفه في آداب الطريق

Investigador

علي بن محمد العمران

Editorial

دار عطاءات العلم (الرياض)

Número de edición

الثالثة

Año de publicación

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Ubicación del editor

دار ابن حزم (بيروت)

Géneros

وإذا كان هو الخالق لها مع قدرته على أن لا يخلقها لم يَجُز أن يقال: إن غيرَه أساء إليه بها لوجهين: أحدهما: أن الخلقَ عاجزون [م ٣٨] عن ذلك، كما قال تعالى: «يا عبادي إنكم لن تبلغوا نَفْعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضُرِّي فتضروني» (^١). والثاني: أنه إذا كان هو الخالق لها بمشيئته وقدرته لحكمة يحبها أو لمحض مشيئته، امتنع أن تكون ضارةً له؛ لأن الغنيَّ عن كل شيء، القادرَ على كل شيء، العالِمَ بكل شيء يمتنعُ أن يضره ما يفعله بقدرته ومشيئته، فإن المخلوق العالمَ بما يضره، الغنيَّ عنه، القادرَ على تركه لا يفعله، فكيف بأعلم العالِمين، وأقدَر القادِرِين، وأحكَم الحاكِمين، وأغنى الأغنياء؟! ثم من لم يُعَلِّل يقول: فِعْلُه لا يُعَلَّل، ومن يُعَلِّل يقول: له في ذلك حكمة خَلَق ذلك لأجلها، ومن فعل شيئًا لمرادٍ له يحبه لم يكن متضرِّرًا بحصول محبوبه ومراده. وهؤلاء يقولون: وإن كان مُبْغضًا للمعصية، كارهًا لها، ماقتًا لها، فهذا لا ينافي كونه خلقها وأرادها لحكمة في ذلك، وهو يحب الغاية التي خلقها لأجلها، كالمريض الذي يريد شربَ الدواء وهو يبغضه، فهو يريده لمحبته العافيةَ الحاصلةَ به، فهو وإن كان مرادًا له لحكمة يحبها فهو مبغض له في نفسه، فهكذا ما خلقه من الشياطين والمعاصي خلقها لحكمة، وهو يبغض تلك المخلوقات المرادة. وعلى قول هؤلاء فلا تكون المعاصي إساءة إليه إذ كان هو الخالق لها

(^١) أخرجه مسلم (٢٥٧٧) وقد تقدم.

1 / 138