وَأما إِذا انعكست الْقَضِيَّة بِحَيْثُ غلبت مطالعة الْخلق على مُشَاهدَة الْحق فَهُوَ نُقْصَان إضافي بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكَمَال الْمُطلق وَمن هُنَا يُقَال حَسَنَات الْأَبْرَار سيئات الْأَحْرَار وَلذَا قَالَ سيد الأخيار وَسَنَد الْأَحْبَار (وَإنَّهُ ليغان على قلبِي وَأَسْتَغْفِر الله) وَفِي هَذَا الْمقَام قَالَ بعض الْمَشَايِخ الْكِرَام أسْتَغْفر الله مِمَّا سوى الله وَقَالَ الْعَارِف ابْن الفارض شعر
(وَلَو خطرت لي فِي سواك إِرَادَة ... على خاطري سَهوا حكمت بردتي)
وَشرح هَذَا الْمَعْنى يطول فلنعطف إِلَى بَيَان مَا كُنَّا بصدده فَنَقُول مُعْتَقد أهل الْحق أَن الله تَعَالَى هُوَ غير وجود الكائنات فَإِنَّهُ خَالق الْمَخْلُوقَات وموجد الوجودات الْحَادِثَة للموجودات وَلَا غنى عَن الموجد غَيره سُبْحَانَهُ كَمَا قَالَ ﴿وَالله الْغَنِيّ وَأَنْتُم الْفُقَرَاء﴾ أَي إِلَى إيجاده أَولا وإمداده ثَانِيًا سَاعَة فساعة فَلَا مَوْجُود إِلَّا بإيجاده أَولا وَلَا مشهود إِلَّا بإمداده بل لَا مَوْجُود حَقًا سواهُ موجد فَلَا مَوْجُود مُطلقًا إِلَّا الله فَتَأمل هَذَا الشُّهُود فِي مقَام الْوُجُود وَبَين الْمقَالة الوجودية أَن أَعْيَان الموجودات من السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا من الكائنات العلوية والسفلية والأشياء الردية عين الْحق بِنَاء على القَوْل بالوجود الْمُطلق نعم كَون الْأَشْيَاء الْمَوْجُودَة والمعدومة أَعْيَان ثَابِتَة فِي علم الله