وكان يقول: إنما وضعت الأسماء على أقدار المصلحة، وعلى قدر ما يقابل من طبائع الأمم. فربما كان أصلح الأمور وأمتنها أن يتبناه الله أو يتخذه خليلا، أو يخاطبه بلا ترجمان، أو يخلقه من غير ذكر، أو يخرجه من بين عاقر وعقيم. وربما كانت المصلحة غير ذلك كله. وكما تعبدنا أن نسميه جوادا ونهانا أن نسميه سخيا أو سريا وأمرنا أن نسميه مؤمنا ونهانا أن نسميه مسلما، وأمرنا أن نسميه رحيما ونهانا أن نسميه رفيقا.
وقياس هذا كله واحد، وإنما يتسع ويسهل على قدر العادة وكثرتها. ولعل ذلك كله قد كان شائعا في دين هود وصالح وشعيب وإسماعيل، إذ كان شائعا في كلام العرب في إثبات ذلك وإنكاره.
وأما نحن - رحمك الله - فإنا لا نجيز أن يكون لله ولد، لا من جهة الولادة، ولا من جهة التبني، ونرى أن تجويز ذلك جهل عظيم، وإثم كبير؛ لأنه لو جاز أن يكون أبا ليعقوب لجاز أن يكون جدا ليوسف، ولو جاز أن يكون جدا وأبا، وكان ذلك لا يوجب نسبا، ولا يوهم مشاكلة في بعض الوجوه، ولا ينقص من عظم، ولا يحط من بهاء، لجاز أيضا أن يكون عما وخالا؛ لأنه إن جاز أن يسميه من أجل المرحمة والمحبة والتأديب أبا، جاز أن يسميه آخر من جهة التعظيم والتفضيل والتسويد أخا، ولجاز أن يجد له صاحبا وصديقا، وهذا ما لا يجوزه إلا من لا يعرف عظمة الله، وصغر قدر الإنسان.
Página 331