أفتقولون: إن الله عز وجل ابتداهم بالزيغ كما تذكرون، أم بقول الله وما ذكر عن نفسه تقولون؟ فإن قالوا: بل هو ابتداهم بالإزاغة قبل زيغهم، وقضاه عليهم(1)، وأدخلهم فيه؛ كفروا بإكذابهم قول ربهم، لأنه يقول: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} [الصف: 5]، والقدرية تقول بل الله سبحانه بالزيغ ابتداهم. وإن قالوا: إن الإزاغة من الله عقوبة لهم، على زيغهم عن الهدى، وتركهم ما أمروا به من التقوى؛ قالوا بالحق، وتعلقوا بالصدق، وشهدوا لله بما شهد لنفسه. وفي ذلك ما يقول الرحمن الرحيم: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الرعد: 11]، ويقول سبحانه: {ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الأنفال: 53].
***
Página 564