ومما يسئلون عنه قول الله سبحانه: {يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون} [آل عمران: 71]، فيقال لهم: خبرونا من لبس الحق بالباطل، وخلط عليهم أمرهم، وأخرجهم من هداهم ورشدهم؛ أنفسهم أم الله؟ فقد نجد الله جل جلاله يقول ويذكر أن ذلك منهم، فما قولكم أنتم؟ فإن قالوا: هو من الكفار وليس هو من الله؛ فقد أصابوا ورجعوا إلى الحق. وإن قالوا: هو من الله بقضاء وقدر، ولولا قضاء الله وقدره(1) لم يدخلوا في ذلك، ولم يلبسوا الحق بالباطل؛ فقد كذبوا قول الله وصدقوا قول الجاهلين(2)، وهذا هو الشرك بالله. بل قول الله هو الحق المصدق، وقولهم الكذب المكذب.
***
ومما يسئلون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول آدم صلى الله عليه: {ربنا ظلمنا أنفسنا} [الأعراف: 23]. أفتقولون: إن آدم الذي ظلم نفسه بالخطيئة، وأساء إليها بإدخالها في المعصية، كما قال صلى الله عليه وسلم؟ أم تقولون: أن الله أدخله في المعصية، وأخرجه بالقضاء من الطاعة، وظلمه بذلك، وأن آدم وحواء؛ لم يظلما أنفسهما؟ فإن قالوا: بل الله الذي أدخلهما في المعصية بقضائه بها عليهما؛ فقد كذبوا قول آدم وما حكى الله عنه، وفي ذلك الأمر العظيم، والجرأة على الله عز وجل وعلى آدم صلى الله عليه. وإن قالوا: بل صدق آدم؛ فقد رجعوا إلى العدل، وتركوا القول بالجبر وأسلموا.
***
Página 558