وقال تعالى: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ (١) .
فأخبر أنهم يوحون إلى أوليائهم من الإنس ليجادلوكم (٢)، فهذه وأمثالها تبين أن الكفار أولياء الشياطين، فهم أحق الناس بدخول في قوله: ﴿وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ (٣) .
وقد قال ابن أبي طلحة، عن ابن عباس: "إن هذه الآية تقتضي أنه لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه، ولا ينزلهم جنة ولا نارا" (٤) .
فدل على أن هذا الاستثناء عنده دفع العذاب عنهم، وهذا مدلول الآية، وأنه لأجل هذه الآية يجب أن يتوقف، فلا يحكم على الله في خلقه ولا ينزلهم جنة ونارا، وهذا يناقض قول من يقول (٥) سوى ما شاء الله من أنواع العذاب، وإلا مدة مقامهم قبل الدخول من حين بعثوا إلى أن دخلوا، فإن ذلك معلوم أنه قبل الدخول لم يكونوا فيها، وقول من يقول في أهل الجنة فإنها صريحة في تناول الكفار.
لكن ذكر البغوي، أن ابن عباس قال: "الاستثناء يرجع إلى قوم سبق فيهم علم الله وأنهم يسلمون فيخرجون من النار" (٦) . ولم يذكر من نقل (٧) هذا عن ابن
_________
(١) سورة الأنعام، الآية: ١٢١.
(٢) مقابلة بهامش الأصل "ليجادلوا المؤمنين "مع الإشارة إلى كونه هكذا بنسخة أخرى.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٢٨.
(٤) الأثر سبق تخريجه "ص٥٨".
(٥) فوقها بالأصل "قال" مع الإشارة لكونها بنسخة أخرى.
(٦) تفسير البغوي المسمى: "معالم التنزيل" ٢/١٣١.
(٧) في الأصل "قال" ومكتوب فوقها "نقل" وعليها علامة التصحيح وعلامة كونها هكذا أيضا في نسخة أخرى.
1 / 60