ولقد نهى ذا الخلق عن اطرائه ... فعل النصارى عابدي الصلبان
ولقد نهانا أن نُصيِّر قبره ... عيدًا جذار الشرك بالرحمن
ودعا بأن لا يجعل القبر الذي ... قد ضمه وثنًا من الأوثان
فأجاب رب العالمين دعاءه ... وأحاطه بثلاثة الجدران
حتى غدت أرجاؤه بدعائه ... في عزة وحماية وصيان"١"
ولقد غدا عند الوفاة مصرحًا ... باللعن يصرخ فيهم بأذان
أعني"٢"الأولى جعلوا القبور مساجدًا ... وهم اليهود وعابدو الصلبان
ولولا ذلك أبرز قبره ... لكنهم حجبوه بالحيطان"٣"
قصدوا إلى تسنيم حجرته ... ليمتنع الجود له على الأذقان
قصدوا موافقة الرسول وقصده"٤" ... التجريد للتوحيد للرحمن
_________
"١" في توضيح المقاصد"٢/٣٥٣": " قال القرطبي: ولهذا بالغ في سد الذريعة في قبر النبي ﷺ فأعلوا حيطان تربته وسدوا المداخل إليها وجعلوها محدقةً بقبره ﵌، ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة إذ كان مستقبل المصلين، فتصور الصلاة بصورة العبادة، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليَيْن وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلثة من ناحية الشمال حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره"أهـ.
"٢" في النونية المطبوعة: "وعني" بدلًا من "أعني"، والظاهر أنه هو الصواب.
"٣" يشير ابن القيم- ﵀ إلى حديث عائشة في الصحيحين أنها قالت: لما نزل برسول الله ﵌ طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها فقال وهو كذلك: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يُحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدًا".
"٤" أي أن حجب القبر وعدم إبرازه هو قصد الرسول ﵌ حتى لايصير وثنًا يُدعى من دون الله، ويُتمسح بأركانه، مما يفعله بعض الجهال عند قبور من هم دون رسول الله ﵌
1 / 25