Señor del Tiempo: El Libro y el Expediente del Caso
رب الزمان: الكتاب وملف القضية
Géneros
32
وعن ابن عباس قال: «ليس في الأرض شيء من الجنة إلا الركن الأسود والمقام.»
33
أما القصة الإسلامية حول البيت، فهي قصة محوطة بالقدسية والتبجيل، يلخصها لنا كتاب «أبو الأنبياء» فيما يلي: ... إن الله سبحانه خلق موضع البيت قبل أن يخلق الأرض بألفي عام، فكانت زبدة بيضاء على وجه الماء فدحيت الأرض من تحتها، فلما أهبط الله آدم إلى الأرض استوحش، فشكا إلى الله تعالى فأنزل البيت المعمور، وهو ياقوتة من يواقيت الجنة، له بابان من زمرد أخضر، باب شرقي وباب غربي، فوضعه على موضع البيت، وقال: يا آدم، إني أهبط لك بيتا تطوف به كما يطاف حول عرشي، وتصلي عنده كما يصلى عند عرشي، وأنزل الله عليه الحجر الأسود، وكان أبيض فاسود من مس الحيض في الجاهلية، فتوجه آدم من الهند ماشيا إلى مكة، وأرسل الله إليه ملكا ليدله على البيت، فحج آدم البيت وأقام المناسك. فلما فرغ تلقته الملائكة وقالوا له: يا آدم، لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام. قال ابن عباس حج آدم أربعين حجة من الهند إلى مكة على رجليه، فكان ذلك إلى أيام الطوفان، فرفعه الله إلى السماء الرابعة. والبيت المعمور يدخله كل يوم ألف ملك ثم لا يعودون. وقد بعث الله جبريل حتى خبأ الحجر الأسود في جبل أبي قبيس صيانة له من الغرق «زمن الطوفان»، فكان موضع البيت خاليا إلى زمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام. ثم إن الله تعالى أمر إبراهيم بعد ما ولد له إسماعيل وإسحاق، ببناء بيت يذكر فيه ويعبد، فسأل الله أن يبين له موضعه، فبعث الله السكينة لتدله على موضع البيت، وهي رياح خجوج لها رأسان تشبه الحية، والخجوج من الرياح هي الشديدة السريعة الهبوب، وقيل هي الملتوية في هبوبها. وأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة، فتبعها إبراهيم حتى أتت موضع البيت فتطوقت عليه. قال ابن عباس: بعث الله سبحانه وتعالى سحابة على قدر الكعبة، فجعلت تسير وإبراهيم يمشي في ظلها إلى أن وقفت على موضع البيت، ونودي منها: يا إبراهيم، ابن على قدر ظلها، لا تزد ولا تنقص. قال ابن عباس: بنى إبراهيم البيت من خمسة أجبل: من طور سيناء، وطور زيتا، ولبنان وهو جبل بالشام، والجودي وهو جبل بالجزيرة، ومن حراء وهو جبل في مكة. فلما انتهى إبراهيم إلى موضع الحجر الأسود قال لإسماعيل: ائتني بحجر حسن يكون للناس علما. فأتاه بحجر، فقال: ائتني بأحسن منه. فمضى إسماعيل ليطلب حجرا أحسن منه، فصاح الجبل أبو قبيس: يا إبراهيم، إن لك عندي وديعة فخذها. فقذف بالحجر الأسود، فأخذه إبراهيم فوضعه مكانه.
34
ونستكمل القصة من «الأزرقي» حيث يقول: «فقام معه جبريل فأراه المناسك كلها؛ الصفا والمروة ومنى ومزدلفة وعرفة. وبعد حصب إبليس وعرفان إبراهيم مناسكه كلها، أمره أن يؤذن في الناس بالحج، فقال إبراهيم: يا رب ما يبلغ صوتي. فقال الله تعالى: أذن وعلي البلاغ. فعلا على المقام فأشرف به حتى صار أرفع الجبال أطولها، فجمعت له الأرض سهلها وجبلها وبرها وبحرها وإنسها وجنها حتى أسمعهم جميعا.»
35
وهكذا ظلت الكعبة بيتا مقدسا، تطوف حوله خير أمة أخرجت للناس، سبعا خشعا، والطواف سنة قدسية، أكد العلم باكتشافه أنها سنة علمية .
العرب قبل الإسلام: العقائد، والتعدد، والأسلاف1
معلوم أن عجز الإنسان وضعفه أمام ظواهر الطبيعة المتقلبة وقواها، مع قصور تجربته ومعرفته، كان هو الدافع لتصور قوى مفارقة «ميتافيزيقية»، هي التي تقف وراء متغيرات الطبيعة وثوراتها وغضبها وسكونها، ولأن تلك الظواهر لم تكن مفهومة، فقد جاءت تلك القوى أيضا غيبية؛ ولذلك ارتبطت عقائد الناس في أربابها بوسطها البيئي، حيث عبرت عن ذلك الوسط وأظهر مظاهره وأكثرها تكرارا وديمومة، ومن هنا قدس العربي أجرام السماء التي تظهر بكل وضوح في ليله الصحراوي المنبسط، دون حواجز حتى الأفق بدائرته الكاملة، كما قدس الأحجار بخاصة ذات السمات المتفردة منها، فبيئته رمال وصخور وأحجار، وقد غلب انتشار الصخور البركانية في جزيرة العرب لانتشار البراكين فيها، وأطلقوا عليها اسم الحرات من الحرارة والانصهار.
Página desconocida