Señor del Tiempo: El Libro y el Expediente del Caso
رب الزمان: الكتاب وملف القضية
Géneros
والدارس للأساطير سيجد من الشواهد القرائن الأركيولوجية ما يدعم الفرض: أن الأنثى كانت مركزا لمجتمع أمومي ابتدائي، وأنها كانت في مركز يتناسب مع مجتمع كانت آلهته إناثا، ومنطقيا لا يمكن أن نجد مجتمعا كل آلهته إناث ويسوده على الأرض ذكور ومن ثم تكون النتيجة أن الأنثى كانت سيدة ذلك المجتمع.
ويبدو لنا أن السبب في ذلك حسب قوانين الحراك التاريخي، هو امتلاكها أساسا اقتصاديا، دعم تلك السيادة. وهو ما نلمحه في تصور لشكل ذلك المجتمع الابتدائي، حيث كان المجتمع صيادا، يخرج فيه الذكور للصيد والقنص، بينما كانت رعاية الصغار تستدعي استقرار المرأة بجوارهم، فكانت هي بداية الاستقرار في المكان، الذي أدى بعد ذلك إلى نشوء المشتركات ثم القروية فالمدنية.
وكان استقرارها هذا دافعا لها لاكتشاف الزراعة، وهي تلحظ سقوط الثمار على الأرض، ثم عودتها للإنبات فكان أن حاولت تقليد الطبيعة، فاستنبتت الثمار، فأسست لنفسها بذلك الكشف أول أساس اقتصادي متين لسيادتها. وهو الأمر الذي كان لا بد أن يضيف لانبهار الرجل بقدرتها على الولادة انبهارا آخر بأنها تمكنت من جعل الأرض تلد بدورها، مما أضاف لقدراتها السحرية (اقتصادية أصلا) رصيدا آخر، وربما كانت أيضا هي مكتشفة الفخار، بالنظر إلى شكل الأوعية التي عثر عليها بجوار الإلهات الإناث القديمة وهي ما كانت تمثل دوما ثديا أو فرجا أو فخذا إذا استطالت، كما كانت مكتشفة الخمر، بتخمر الطعام الزائد في أوانيها، وهو ما فاجأ الذكور عند العودة من القنص بمزيد من السحر، يضفونه على المرأة السيدة الإلهة بعد ما دارت الرءوس بسحرها الجديد.
وهي أيضا مكتشفة النسيج، بما توفر لها من وقت واستقرار للملاحظة والكشف والتجربة والخطأ والمحاولة، حتى النجاح الذي أضاف لأساسها الإنتاجي مزيدا ورصيدا. لكنها وهي بسبيل تأسيس الاستقرار الأول الذي أسس للمدينة فيما بعد، كانت تضع ثمار خسارتها لأساسها الانتاجي وفقدها لمقوم سيادتها الاقتصادي، عندما احتاجت الزراعة إلى حيوانات أقوى تحتاج في ترويضها وتدجينها إلى عضلات أقوى وتفرغ أوسع، بعد أن استقر الرجال إلى جوار زرع المرأة وغراسها، ومن ثم تم سحب البساط من تحتها لصالح الذكور. ويلاحظ الباحث أنه مع ذلك الاستقرار المديني وبدء استخدام الحيوانات القوية في الحرث، يبدأ ظهور الآلهة الذكور بوضوح في منظومة السماء، وهو أمر فيه تفاصيل كثيرة نحيل فيه الحضور إلى كتبنا للمزيد، ونكتفي بتلك الإشارات السريعة لضيق الوقت المتاح، فقط نلمح ونؤكد على الأساس الإنتاجي لسيادة المرأة الذي فقدته، فساد الذكر، وتحولت ربة السماء من أنثى إلى ذكر، فأصبحت الشمس ذكرا بعد أن كانت أنثى، كذلك عشتار نجمة الجمال الزهرة، تحولت مع السيطرة الذكورية إلى الإله الذكر عستر في خطوط المسند والخط النبطي.
أما تصورات ذلك المجتمع لبداية الخلق فكانت بسيطة بساطة المجتمع الأمومي الأول، الحدث سهل، كان على الربة الكبرى أن تلد الكائنات، والتي تم تمثيلها في الأم الأرض ممتزجة بالأنثى السيدة على المجتمع آنذاك.
ولما كان الرجل قد لاحظ اختفاء دم الحيض مع بدء الحمل، فقد تصور أن ذلك الدم هو الذي يقوم بتكوين الجنين في الداخل ليعطي بعد ذلك تلك الظاهرة المدهشة المذهلة ظاهرة إعطاء الحياة والمواليد، لكن بعد السيطرة الذكورية وتحول الإله إلى ذكر، كان لا بد أن يتحول فعل الخلق من الأنثى للرجل، ولكن لأن فكرة خلق الولادة من دم الحيض المختفي في بطن الأنثى قد ترسخت تماما ، قامت أسطورة الخلق الذكرية على ذات الأساس، فقام الآلهة الذكور بذبح إله صغير مخنث لا هو ذكر ولا هو أنثى ليستخدموا دمه بعجن طين الأرض ليصنعوا منه الإنسان الأول. ومن ثم تحولت القصة عن فعل الولادة إلى فعل الخلق، وهو ما يترافق مع مزيد التفرغ الذي أحدثه الاستقرار والوفرة للبشر على الأرض لمزيد من الكشف والابتكار أو الخلق.
لكن في نفس الآن كان لا بد أن يتم تبخيس الأنثى كرد فعل نفسي إزاء سيادتها القديمة وسحرها الدائم، فتحول الدم الحيضي في المأثور إلى نجس، لكن يبقى المأثور في اللاشعور الجمعي مستيقظا، فحين تحيض المرأة ترفع عنها التكاليف فلا تصوم للإله الذكر، ولا تصلي للإله الذكر، لأنها في هذه الأيام الخمس تستعيد وضعها القديم، إنها لا تعبد أحدا حينئذ، لأنها في هذه الأيام الخمس حين يتغيب القمر الإله الذكري عن الحضور، والذي يوافق إيقاعه الحيض، يظهر حيضها وتحضر قدسيتها، لتصبح في هذه الأيام الخمس إلهة، وتتقدس الخمسة لتصبح مانعة السحر والحسد كما كانت في القديم، أما يوم الخميس فيصبح في المأثور اليوم المفضل لجماع المرأة، أما الخمسة فهي دلالة واضحة على الفرج.
وللتذكرة فقط، ظل دم الحيض حتى عهد الجاهلية الأخير في جزيرة العرب مقدسا. فقد كانت نسوة العرب ومكة يطفن بالكعبة، ثم يمسسن بدم حيضهن الحجر الأسود، تواصلا مع ذكر السماء، وهو ما عبرت عنه كتبنا التراثية كأبلغ ما يكون، وهي تلخص قصة تحول المرأة وتبخيس الدم الخالق، بقولها: إن الحجر الأسود كان أبيض، فاسود من مس الحيض في الجاهلية.
أما الكلمة حواء فتقترن بعد ذلك في الجذر مع الحية التي تحمل الكيد والدس والخديعة، وتقترن حواء بالحية، والإبليس، الذين اشتركوا معا في خديعة آدم، ذلك الآدم الذي خدع الجميع وخدع التاريخ؛ لأنه حقيقة إنما كان ضحية شهوانيته وعدم براءته ومرضه السيادي، لأن خضوعه الداخلي الذي كان يرفضه باستمرار فيبخس المرأة، كان خضوعا لحواء الحياة الحية أم كل حي، ذلك المشترك الذي يضم في الجذر كلمة «الحيا» أي الفرج الأنثوي سر الحياة ومصدر الميلاد، وأزمة عدم البراءة في الرجال.
سر الأسماء المقدسة1
Página desconocida