Señor del Tiempo: El Libro y el Expediente del Caso

Sayyid Qimni d. 1443 AH
118

Señor del Tiempo: El Libro y el Expediente del Caso

رب الزمان: الكتاب وملف القضية

Géneros

ولندرة خيرات الطبيعة الأخرى، فقد أدى ذلك المتغير إلى تغير مماثل في تطور البناء المجتمعي، فقد أصبحت الجماعة ترتبط برابطة الدم، وبنفس القوة ترتبط بحيواناتها وهي معتمد حياتها، وربما كان ذلك هو جذر الطوطمية، الذي عبر عن قرابة مماثلة - وبالدم أيضا - بين الحيوان والجماعة، كما كانت الجماعة بحاجة ماسة إلى تنظيم يضمن للجماعة بشرا وحيوانات، الأمان من النفوق أو الشرود أو التيه، ومع سعي هذه الجماعة المتجانسة وراء الكلأ، وما يحتاجه من قدرات عضلية لا تتوفر إلا للذكور، انهار وضع المرأة، وتحولت الجماعة إلى الشكل الذكوري، خصوصا بعد أن امتلك الذكور أساسا إنتاجيا متينا تمثل في القدرة على السيطرة على الحيوان وترويضه، في وسط صحراوي يعتمد القوة الغشوم، وساعد على تثبيت مركز الذكور، ذلك الصراع الذي - لا بد - قد شب حول مواضع الكلأ بين الجماعات وبعضها، واحتاج قدرات قتالية، وهو صراع طبيعي تماما في ضوء اعتماد تلك الجماعات على المعطى الطبيعي الشحيح وحده. بينما فقدت المرأة قيمتها الاجتماعية في مجتمع الندرة، بحيث اقتصرت وظيفتها على إنجاب مزيد من الذكور، أما الإناث فكانت أفواها تضيف على الجماعة عبئا، حدثنا التاريخ القريب عن حل إشكاليتها بوأدها. وحتى تضمن الجماعة المتبدية تماسكها، ذاب الفرد في القبيلة وذابت القبيلة كلها في الفرد، وأصبح الفرد يمثل القبيلة بكاملها في كل تصرفاته، وبحيث أصبحت القبيلة كلها مسئولة عن أعماله، كما أصبحت مطالبة جميعها بالالتزام بتصرفه، والثأر له إن أصابه مكروه، وذاب الكل في واحد، هو طوطم القبيلة وسيدها وسلفها، الذي أصبح محل التبجيل والتقديس، وتحول إلى رمز عزة قومية وجنسية ودينية، وكان كل فرد في القبيلة يمثل هذا السلف، أو هو - دون مبالغة - ذلك الطوطم الموحد والموحد.

وفي شكل من الديمقراطية البدائية، التي تضمن بدورها مشاركة الكل وذوبان الكل، كان مجلس القبيلة هو الذي يحدد شيخها وقائدها، بصفات محددة، وترتبط بظروف آنية، فقد يحتاج الظرف للحكمة مرة، وللجسارة والإقدام حينا آخر، بمعنى أن الظرف كان هو الذي يحدد مؤهلات الزعيم المطلوب، وحسب الحاجة، كما يحدد أيضا ظروف عزله وتعيين البديل الجديد المناسب. لكن من جانب آخر ، تدنت مستويات الإنتاج إلى حد كاد يكون اعتمادا شبه كامل على الطبيعة، ولأن علاقة الإنسان بالطبيعة هي علاقة عمل يؤدي إلى إنتاج اجتماعي، فإن الجماعة البدوية ظلت بعيدة عن هذا المعنى الاصطلاحي، وظلت كائنا طبيعيا في حصولها على الخيرات بالسعي الدائب وراء الكلأ، والغزو وسلب خيرات الجماعات الأخرى، أو ما تمثل واضحا في تطفلها المستديم على منتوج العمل في المناطق الخصبة، والاستيلاء عليه والفرار في غزوات لم تنقطع، سجلتها لنا نصوص الحضارات القديمة، التي استقرت على الجانب الآخر من الفرز الطبيعي، أقصد في وديان الأنهار، التي طورت قاعدة إنتاجية، تبعتها نقلات ضرورية على المستوى الاجتماعي.

وعلى مستوى العقائد، فإن الطبيعة المتصحرة الضنينة بأشكال الحياة وألوانها - تلك الأشكال والألوان التي تتعدد تعددا هائلا في مناطق الخصب النهري - جعلت الإنسان في بداوته أحادي النظرة، واحدي الاعتقاد والنظام، فهو - كما قلنا - واحد في كل، يتمازج بذات الوحدة مع سلفه الواحد، الذي عادة ما تمثله في أهم حيواناته النافعة؛ لذلك غالبا ما قدس أنواع الشياه، بالذات؛ لذلك كان ذلك السلف المقدس هو ربه الواحد الأوحد، وهو أفضل من أرباب القبائل الأخرى، وهو الوطن - حيث لا وطن مع الانتقال الرعوي - والملاذ ومصدر العزة وموحد الكيان، ولا يوجد رب يمكن أن يدين بالطاعة له سواه؛ لأنه إنما يمثل مصالح جماعته ووطنها الذي ينتقل معها أينما حلت أو ارتحلت، وهو البعد الذي نجده بعد ذلك في العقائد الإسرائيلية المبكرة، التي كانت لا تنكر الأرباب الأخرى، لكن لا تراها في مرتبة رب إسرائيل. ومن هنا لم يسمح الظرف بنشوء أنظمة مركزية توحد القبائل المتصارعة، فظلت في شتاتها، مع استمرار الإله الوطني والاعتزاز بالنسب إليه بحسبانه السلف الواحد اللامتعدد، ولا يمكن أن يتعدد؛ لذلك كان هو المعبود الواحد الذي يضمن لقبيلته تماسكها اللزج وانصهارها وأمنها، لكنه من جانب آخر شكل أدلوجة واحدة للجميع، لم تسمح - لأزمان طويلة بعد ذلك - بظهور ثنائية طبقية تسمح بمزيد من التطور ودعم ذلك الوضع، الظرف ذاته الذي فرض استمرار الديمقراطية الابتدائية ومجلس القبيلة، والزعيم الظرفي الذي لم تثبت سيادته مدة زمنية تسمح بامتلاكه قدرا يؤدي إلى ظهور تشكيلة طبقية.

هذا بينما على الجانب الآخر، وفي مناطق الخصب النهرية، كان استقرار الأنهار في مجاريها بشكل نهائي، قد استغرق زمنا غير قصير، وسمح بوجود بيئة شبيهة بحال ما قبل انحسار الجليد الأخير، من حيث انتشار الأحراش والمستنقعات مما فرض بالتالي استمرار الوضع الابتدائي للمشاع زمنا أطول، ضمن استمرارا موازيا لوضع المرأة المتميز في النظام الأمومي، بسبب امتلاكها أساسا اقتصاديا دعم ذلك الوضع (سنأتي على شرحه الآن)، واستمر ذلك النظام فترة زمنية توازت مع المرحلة التي تغيرت فيها نظم المجتمع، الذي تحول للبداوة في مناطق التصحر، وانتهت بالسيادة الذكورية، بينما كانت مناطق الخصب لم تستمتع بعد باستقرار الطبيعة النهرية تماما. ولتوضيح ذلك سنحتاج إلى وقفات تفصيلية - حسب المساحة المتاحة - لا بد منها، وهي وقفات تنتج لزوما عن رؤيتنا، والتي تمثلت في اقتراح يحل أو يحاول حل مسألة أيهما كان أولا: النظام الأمومي أم النظام الأبوي؟ فبينما كان «داروين» قد افترض - بالمقارنة مع عالم الحيوان - أن السيادة المطلقة كانت ذكرية لا شك فيها من البداية، أكمل «آتكسون» فقال: إنه حدث أن ثار الأبناء على الأب المتسلط القاسي المتوحش وقتلوه وافترسوه سويا واستكمل «روبرتسون سميث» البحث ليؤكد أنه قد مرت بعد ذلك فترة انتقالية ظهر فيها النظام الأمومي، وانتهى «فرويد» بعد البناء على ما سبق، إلى أن الأوضاع قد عادت إلى سابق عهدها وساد الذكر، بينما كان يقف على الجانب الآخر اقتراح يحمل أدلة ربما كانت أقوى - كما عند «إنجلس» مثلا - يؤكد أن البداية كانت نظاما أموميا لا شك فيه.

وكان اقتراحي هو رفض السؤال: أيهما كان أولا؟ من أساسه، بحسبانه الخطأ الذي أدى إلى تضارب الاجتهادات، وزعمت أنه لم يكن هناك قبل ولا بعد، ولا سابق ولا لاحق، حيث قد انتهى الظرف البيئي إلى تميز مجتمعين عن بعضهما رغم تزامنهما، هما مجتمع البداوة ومجتمع النهر، أي إن الاختلاف كان مكانيا وليس زمانيا، وهو الزعم الذي أضحى بحاجة إلى تأييد، وهو تأييد كما قلنا بحاجة إلى بعض التفصيل الوجيز.

سيادة الأنثى

لنقر مبدئيا أنه من غير المنطقي أن يوجد مجتمع كل آلهته إناث، ويسوده بشر ذكور، أو العكس. ولنقرأ بعد ذلك الترتيلة السومرية التي تقول: «عندما تزوجت الإلهات الأم ... وعندما توزعت الإلهات الأم بين السماء والأرض ... وعندما ولدت الإلهات الأم ... عند ذلك كتب العمل ... الإلهات العظام يراقبن العمل، والأبناء يحملون السلال» (انظر مثلا: فوزي رشيد، خلق الإنسان في الملاحم السومرية والبابلية، آفاق عربية، أيار 1981م). ولنلحظ أن البيئة السومرية في جنوب وادي الرافدين، لم تكن قد تحددت فيها معالم نهري دجلة والفرات تحديدا واضحا، ولم تزل، وحتى الآن تختلطان في الدلتا وتنتشر بينهما الأهور والأحراش والمستنقعات شبه الغابية.

حقيقة إني أرى في تلك الترتيلة حفرية رائعة، نقش فيها ما حدث في حقب الحياة القديمة، فالإلهات هنا هن الإلهات الأم، اللاتي توزعن بعد ذلك بين الأرض والسماء، ومن الجدير بالذكر أن أول تمثل للأم الأولى الكبرى كان في تربة الأرض الخصبة، ومع نقلات تطورية استغرقت زمنا، تم تمثلها - إلى جوار الأرض - في كوكب الزهرة المتلألئ ذي الحسن والدلال، وهو ما تشير إليه الترتيلة بوضوح. ولك أن تلاحظ أن قدسية الإلهات الأم قد ارتبطت ب «عندما ولدت» ولنتذكر أهمية «ولدت تلك فسنعود إليها»، بينما أصبحت مهمة الأبناء، وهم جمع الذكور، العمل، لتتفرغ الأم الإلهة لإدارة شئون العشيرة، ومن ثم لم يكن غريبا أن ينادي السومريون تلك الإلهة بالنداء: ماما

mama

ومامي

Página desconocida