فيوم علينا ويوم لنا
ويوم نساء ويوم نسر
ولا بد أن تنجلي غمرتها بعد حين، ولقد مر عليك من الأمثال ما فيه مقنع للمعتبرين!
إذن، فلست أخشى ما أخشاه على فرنسا من هذه الناحية، ولكني أخشى على هذه الدولة العظيمة ما هو أجل وأعظم، وما هو أكرث وأفدح.
اللهم إني لأخشى أن يكون هذا التسليم إيذانا بانحلال هذه الأمة إلى آخر الزمان أو إلى بعيد من الزمان.
ولست أحيل هذا الخوف على ضرب من التنبؤ، أو على لون من الحدث والتخمين، إنما هي المقدمات الواضحة التي تفضي إلى النتائج الواضحة، فإن يكن قد ند علي ضبط بعضها، فلي إلى العذر سبيل!
وبعد، فليس عندي أي شك في أن للأمم أعمارا، كما للإنسان والحيوان والنبات أعمار، وهذه الأعمار تطول وتقصر أولا في الحدود المقسومة لكل نوع من الأنواع، وأما بالنسبة للأشخاص في كل منها، فيرجع طول العمر وقصره إلى أسباب وعوامل لا يكاد يحيط بها الإحصاء.
وعلى كل حال، فإن نشأة الأمم تبدأ بطفولة كطفولة الإنسان، فإذا قدر لها الاطراد في النمو صارت إلى فتوة فشباب، فكهولة فشيخوخة، فهرم فانحلال ففناء، هذه أطوار كل أمة ولكل أمة أجل.
وإنما يكون الانحلال والفناء إذا بلغت الأمة الغاية من الحضارة، واتجهت بأجل العزم إلى الغلب في فنون الترف والنعيم، وهذه الشواهد ما تزال ماثلة في الأمم الغابرة، ولا أريد في التمثيل على أمم اليونان، والرومان والعرب في الشرق وفي الغرب معا.
فليت شعري، هل حان حين فرنسا اليوم كما حان حين تلك الأمم جميعا، وهل تراها قد دخلت في دور الانحلال والفناء، كما جرى على من تقدمها من الأمم الانحلال والفناء؟
Página desconocida