Eje del Placer en las Descripciones de los Vinos y Licores
قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور
فهم بين لذةٍ كجَنَى اللثمِ وشِعرٍ كلذةِ التعنيقِ
وقال آخر:
ولي أملٌ بعيدٌ ليس أثثني ... على شيءٍ سواه وهو سُوْلي
أخٌ يلقي نحفظه إذا ما ... خلت بشمائلي شيَمُ الشَّمولِ
فأما هيبة نديم السلطان فإنه يلزمه أن يحضر في الزي الذي يُعرف به من غير أن يتفضل أو يشتهر، فإن شاء الرئيس أن يغيِّر زيَّهُ بشيءٍ من ثيابه حَسُن أن يلبس ذلك في وقته حتى ينقضي المجلس ولم يَحْسُن أن يظهر به في مجلسٍ ثانٍ لأنه شيءٌ اختاره الرئيس في شاعةِ طربِهِ وتبذُّلهِ لا في كلِّ أوقاته. وأما العمامة والخفّ فلا يُخَلُّ بهما، وإنما الغرض في ذلك إجلال السلطان عن مشاركته فيما اتسع له من التبذل، وتخيُّر الزِّي الذي لا يثقل عليه، والانفراد به عمَّن هو دونه، وهذا إنما سلك به مسلك الأعاجم، وكانوا قد رسموا لكل طبقةٍ من طبقات أهل مملكتهم برسمٍ من الزِّي ليتميزوا، ولا يتشبه سوقةٌ بملكٍ ولا دنيء بشريف ولا تابع برئيس. ومما يأخذ به نفسه الإسراع في الخطو إذا كان يراه الرئيس، ولهذا، وما أشبهه صار نِدامُ الرؤساء أنعَمَ وأترف، وإن كان ندامُ العظماء أجلَّ وأشرف.
وخُبِّرت عن الطبقة العالية من ندامى الخلفاء الماضين أنهم كانوا يجتمعون في منزل أحدهم، فإذا مشى بعضهم في ذلك الموضع مشى مسرعًا وسُئل أحدهم عن السبب في ذلك فذكر أنه إنما يفعله في كل موضعٍ، وإن كان لا يلزمه إلاَّ في موضع الخلافة حذرًا من أن يخل بالعادة فينساها في موضعها، وهذه رياضةٌ حسنةٌ، ومما يلزمه أيضًا أن يتحفظ منه ويروض نفسه به، أن لا يصبِّحه ولا يُمسيه ولا يشتمه ولا يستخبره، وإنما ترك ذلك كله لما فيه من تكلف الجواب. وليس من حق ذي الرياسة والسلطان إذا تبين لنديمه منه لينُ الخلوة [و] وِطاء الكتف وخلع ثوب الكبر، أن يستعمل معه من الدالة ما يُنقصه به حقَّ الرئاسة ويقدح في سلطانه.
وقالوا: ينبغي لمن خُصَّ بالسلطان أن يكون آنسَ ما يكون به وأوحش ما يكون منه.
وقال عبد الله بن جعفر: من أعظم الخَرَق الدالة على السلطان والوثبة قبل الإمكان.
وبينما المأمون ينادم إبراهيم بن المهدي، بعد رضاه عنه، وتعمده ما كان منه، تبيَّن منه دالة أذكرته ما تقدم من ذنبه فنهض وأمر بإقراره ومن كان معه على حالتهم، ثم صار إلى مجلسِ جده وتزيَّا بِزِّيِ الخلافة، واستوى على سريره وأذن للجيوش في السَّوادِ والأسلحة، ومُدَّ السماطان وشهرت السيوف، ثم أحضر إبراهيم مغتبقًا مَعْسوفًا، فلما مَثَل بين يديه أطرق عنه مَليًا، ثم رفع طرفه وإبراهيم يُرعد، فقال: يا إبراهيم، من حملك على ما كان، فقال: قد سبق [من] عهد أمير المؤمنين ما لا أخاف عليه التغيير، واعتذر بعذرٍ قبله منه، وردَّه إلى مكانه، وعاد المأمون من وقته إلى مجلس النَّدام.
وكان يزيد بن معاوية ينادم الأخطل النصراني. وهجا الأخطل النصرانيُّ الأنصار كثيرًا اعتدَّ به على بني أُمية في قوله:
بني أُميَّة، قد ناضلتُ دونكُمُ ... أبناء قومٍ، هُمُ، آووا، وهم نَصَروا
فأجازه، وكان يُسوي بينه وبينه في أكثر المواضع من مجلسه.
وحُكي عن الشريد من كرم المجالسة وحسن البرِّ والمؤانسة ما يجاوز هذا كله وهو أن الفَزازي قال: دخلت عليه بالرقة، ولم يكن معنا ثالث، فتحادثنا مليًا ثم أومأ إلى خادم له فجاء بطبق كبير مغطى بمنديل فوضعه بين يديه فاستخرج من تحت المنديل رطبةً فأكلها ثم استخرج أُخرى فأومأ بها نحوي، فقمت وتناولتها وقبَّلتُ يده وأكلتها، ثم رفع المنديل ولم أرَ في الطبق شيئًا، فقال: أُهدي لنا من العراق هاتانِ الرُّطبتان ولاتَ حينَ الرُّطب، قال: فعلمت أنه أمر بتغطيته لئلا أرى ما فيه فأمتنع من الأكل.
وقد رأينا جماعة من جلَّة الرؤساءِ يَتَبدلون أتباعهم ويمتهنونهم من الخدمة فيما يرفعون عن مثله بعض مماليكهم، فإذا خلوا معهم للعشرة والمنادمة استوت بهم العشرة وأوسعوهم من البرِّ والتكرمة حتى إنهم ربما خدموهم أو أخدموهم فلا يقدح ذلك في رئاستهم ولا يحطّ من منزلتهم بل يسترقُّ لهم قلوبهم وتخلص به نياتهم. قال الشاعر:
وإني لعبد الضيف ما دام ثاويًا ... وما فيَّ إلا تلك من شيم العبد
وقال العطوي:
نبيذان في مجلس واحد ... لإيثار مُثرٍ على مُعسرِ
1 / 75