Sustento de los Corazones
قوت القلوب
Investigador
د. عاصم إبراهيم الكيالي
Editorial
دار الكتب العلمية - بيروت
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م
Ubicación del editor
لبنان
له أو تسليمًا أو تفويضًا إليه وهو السكون تحت جريان الأقدار وشهودها من الأنعام، ومن حسن تدبير الأقسام في شهود المسألة والحكمة فيها والقصد بالابتلاء بها وهو داخل في قوله تعالى: (وَلِرَبِّكَ فاصْبِرْ) المدثر: ٧، وفي قوله تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فإنَّكَ بأعْيُنِنا) الطور: ٤٨ وقال عمر بن عبد العزيز ﵁ وغيره من الأئمة: أصبحت وما لي سرور إلا في مواضع القدر، وروي أيضًا إلا انتظار القضاء، ويقال: من علامة اليقين تسليم القضاء بحسن الصبر والرضا، وهو مقام العارفين، وقال سهل في تأويل قول علي ﵁: إن الله تعالى يحبّ كل عبد نومة قال: هو الساكن تحت جريان الأحكام يعني من غير كراهة، ولا اعتراض، فأما اشتراط الصبر في المصيبة عند الصدمة الأولى في قول النبي ﷺ: إنما الصبر عند الصدمة الأولى فلأنه يقال: إن كلّ شيء يبدو صغيرًا ثم يكبر إلا المصيبة، فإنها تبدو كبيرة ثم تصغر، فاشترط لعظم الثواب لها عند أوّل كبرها قبل صغرها وهي في صدمة القلب أوّل ما يبغته الشيء، فينظر إلى نظر الله تعالى فيستحي فيحسن الصبر كما قال: فإنك بأعيننا وهذا مقام المتوكلين على الله تعالى، والصبر أيضًا عن إظهار الكرامات وعن الإخبار بكشف القدرة والآيات داخل في حسن الأدب من المعاملات، وهو من معنى الحياء من الله تعالى، وهذا طريق المحبين لله تعالى وهو حقيقة الزهد، ومن فضائل الصبر حبس النفس عن حب المدح والحمد والرياسة.
وروينا عن رسول الله ﷺ حديثًا مقطوعًا: الصبر في ثلاث، الصبر في تزكية النفس، والصبر عن شكوى المصيبة، والصبر على الرضا بقضاء الله تعالى على خيره وشرّه، ومن الصبر حبس النفس عن الخمول والتواضع والذلة إيثارًا للآخرة على الدنيا وهربًا إلى الله تعالى وتحققًا بوصف العبودية وترك المنازعة والتشبه بمعاني أوصاف الربوبية تسليمًا للإلهية واستسلامًا للأحدية فلا يخرجك قلة الصبرعن ذلك إلى الطلب بشيء منه فتزل قدم بعد ثبوتها نعوذ بالله من ذلك، ومن الصبر صبر على العيال في الكسب لهم والإنفاق عليهم والاحتمال للأذى منهم، فإن في العيال طرقات إلى الله تعالى أدناها الإهتمام بهم، وأعلاها الرضا عن الله تعالى والتوكل عليه فيهم، وأوسطها الإنفاق وحبس الإنفاق وحبس النفس عليهم، واعلم أن أكثر معاصي العباد في شيئين: قلة الصبر عما يحبون، أو قلة الصبر على ما يكرهون، وقد قرن الله تعالى الكراهة بالخير والمحبة بالشر في قوله تعالى: (وعَسى أنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُو خَيْرٌ لَكٌمْ وعسى أنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُو شَرٌ لَكُمْ) البقرة: ٢١٦ وحدّ الصبر وهو أوّله فريضة بمثل أوّل الإخلاص، والصبر أيضًا حيلة من لا حيلة له لأن الأمر إذا كان بيد غيرك لم يكن إلا الصبر عليه ولأن الشيء إذا كان لا يأتيك إلا قليلًا قليلًا وأنت محتاج إليه لم يكن إلا الصبر عليه وإلا انقطع ذلك القليل،
1 / 333