حذف (١) حرف العطف من الذي بعده، وعلى هذا فما قيل فيه: " حسن صحيح "، دون ما قيل فيه: " صحيح "، لأن الجزم أقوى من التردد، وهذا من حيث التفرد (٢)، وإلاَّ إذا لم يحصل التفرد فإطلاق الوصفين معًا على الحديث يكون باعتبار إسنادين: أحدهما صحيح، والآخر حسن.
وعلى هذا فما قيل فيه: " حسن صحيح "، فوق ما قيل فيه: " صحيح " فقط، إذا كان فردًا؛ لأن كثرة الطرق تقوي. فإن قيل: قد صرح الترمذي بأن شرط الحسن أن يروى من غير وجه. فكيف يقول (٣) في بعض الأحاديث: " حسنٌ غريب لا نعرفه إلاَّ من هذا الوجه "؟ فالجواب: أن الترمذي لم يُعرِّف الحسن مطلقًا، وإنما عرَّف بنوع (٤) خاصٍّ [منه] (٥) وقع في كتابه، و(٦) ما يقول فيه: " حسن " من غير صفة أخرى، وذلك أنه يقول في بعض الأحاديث: " حسن " وفي بعضها: " صحيح " وفي بعضها: " غريب (٧) "، وفي بعضها: " حسن (٨) صحيح غريب "، وتعريفه إنما وقع على الأول فقط، وعبارته تُرشِد إلى ذلك حيث قال في أواخر كتابه (٩): " وما قلنا في كتابنا: " حديثٌ حسن " فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا، كل حديثٍ يُروى لا يكون راويه متهمًا بكذب، ويُروى من غير وجه نحو ذلك، ولا يكون شاذًّا، فهو عندنا: حديثٌ حسن ". فعرف بهذا