فما ولجا الدكان إلا قهقها ضحكا، فإنهما شاهدا صاحبنا الدكاني يخطر في ملابس العيد فيسحب على الأرض ذيل سروال لعب الهواء بإثنائه فنفخه كالقلوع، وكان لابسا صدرية من المخمل الأحمر، مزركشة بالحرير وفوقها زنار عريض كثير الألوان.
فقابل ضيفيه بابتسام الفوز، ولم يبادر إلى خدمتهما، بل بقي يتعثر بأذياله، وقد لاحت عليه علائم السأمة والكدر فصاح، ملكة، ملكة، عجلي فإني أسمع صوت الدف، يا لله! إن العيد سيفوتني بسبب هذه المرأة.
فبادرت ملكة تحمل سلة من الزهور، وما كان أجملها في خمارها الأزرق البسيط، وثوبها الوردي المتسع، ونطاقها الحرير الأسود لا يشين صورتها قبعة كبيرة، ولا يخفي ساعديها أردان عظيمة منتفخة كالتي تألفها نساء اليوم.
فلم يكن كلمح البصر إلا قدمت ملكة للشابين شرابا مبردا، ثم مضت لتنظر آخر نظرة في ملبوسها.
فعيل صبر الدكاني وصرخ: ملكة، وحياة أبي إذا لم تحضري تركتك وسرت وحدي.
وبينما الشابان يرويان الغليل ويتبسمان مما يسمعان ويريان، إذ لاحت منهما التفاتة فأبصرا على الجدار صورة نبوليون عليها من الألوان أصناف وهي أغرب الهيئات.
فصاح أحدهما بالدكاني سائلا: ألا بربك يا هذا ما حداك إلى تعليق الصورة في الجدار على تلك الحالة؟ أو خطر لك أن تبقيها أبد الدهر؟
فأجاب الدكاني وهو يتبسم ابتسامة معنوية: نعم نعم، فليضحك من شاء فهي مبدأ ثروتي وبسببها صرت أربح سنويا ثلاثين ليرة.
11
وعندئذ سمع طلقات بنادق كثيرة دفعة واحدة، أوشكت أن تطير الكأس من أيدي الشابين، فصاح الدكاني بحنق: يا لله! قد دارت أفراح العرس، ويل هذه المرأة لا شك أنها تضيع علي الوقت وتحرمني من الحفلة.
Página desconocida