إلا أن تلك الشبهة اليوم مردودة وغير مقبولة بعد أن ثبت بطلانها بشكل عملي - حسي - يدركه ويستوعبه سائر الناس اليوم ، ونحن أبناء هذا العصر أقدر على فهم المسألة وحجة القائلين بأن المتكلم هو فاعل الكلام ، والتحقق من مطابقتها للحقيقة التي أدركوها وأثبتوها آنذاك بأدلة عقلية ، ذلك أننا اليوم نسمع صوت المتكلم وكلامه من خلال المذياع وأجهزة التلفزة والهاتف دون أن يكون سماعنا لكلام الشخص المتحدث بشكل مباشر وإنما عبر المذياع مثلا ، والجميع اليوم - عوام وغير عوام - يدركون حقيقة أن المتكلم هو ذلك الشخص والكلام كلامه ، وأننا نسمع الكلام من المذياع لا من المتكلم مباشرة ، دون أن يقال بأن الكلام هو كلام المذياع وهو أولى بنسبة الكلام إليه ، لأن المسألة أصبحت حقيقة ثابتة وملموسة ومطابقة تماما لما أدركه وأثبته القائلون بخلق القرآن من كون المتكلم هو فاعل الكلام ، ولو كان المتكلم هو من قام به الكلام كما ذهب إليه القائلون بأزلية كلام الله وقيامه بذاته لكان المتكلم هذا هو المذياع والكلام كلامه !!! وهذا ما لا يمكن أن يقولون به أنفسهم اليوم .
وبهذا يبطل ما ذهبوا إليه دون شك أو ريب ويثبت أن المتكلم : هو فاعل الكلام ، وبثبوت ذلك يثبت أن كلام الله هو فعله ومنه القرآن ، ومحال بالطبع أن يكون فعله قائما بذاته ، وبذلك يثبت أن كلامه تعالى محدث وليس قديما ، وبالتالي فإن القرآن محدث مخلوق وهو المطلوب .
Página 54