] أبناء هذا العصر أقدر على فهم المسألة : [
ومن هنا نستطيع أن نفهم المسألة والشبهة السابقة التي أوردها القائلون بأن الله متكلم بكلام أزلي قائم بذاته ، ذلك أن القول قد اضطرهم منذ البداية إلى مخالفة أهل اللغة ، واعتبار المتكلم : من قام به الكلام وليس من فعل الكلام ليتطابق مع ما ذهبوا إليه بشأن تكلم الله وكلامه .
ومن هنا جاء اعتراضهم على ما أكده خصومهم - تبعا لإثبات هؤلاء حدوث الكلام - من أن كلام الله قائم بغيره ، ليقولوا - في محاولة لإثبات أنه تعالى متكلم بكلام قديم - بأن ذلك يلزم منه أن يكون الكلام في هذه الحالة هو كلام ذلك الغير ، وليس كلام الله ، وما ذاك إلا لأن المتكلم عندهم هو من قام به الكلام وهو هنا ذلك الغير وبعبارة أخرى المحل الذي يخلق الله فيه الكلام !!
وهذا إنما يلزمهم هم ، ولا يلزم خصومهم ، ولا يصح الإحتجاج به أصلا ، لأن خصومهم لا يقولون بذلك ولا يوافقونهم عليه بل إنه محور الخلاف بينهما ، ويفترض أن يقدموا الأدلة والبراهين عليه أولا ، لا أن يعتبروه - ضمنيا - ملزما لخصومهم بل ومبطلا لقولهم الأساس بحدوث الكلام لله !! .
وبهذا نستطيع أن نفهم رد الإمام يحيى بن حمزة السابق والذي حسم فيه الموضوع منذ البداية بقوله : ( أما أولا ، فالمتكلم عندنا هو فاعل الكلام ) .....
Página 52