ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان

Gazi bin Salim Aflih d. Unknown
44

ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان

ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان

Editorial

مكتبة دروس الدار

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٢ م

Ubicación del editor

الشارقة - الإمارات

Géneros

وقد تقدم معنا حديثُ شُعَبِ الإيمانِ وقولُ النبي ﷺ عنها: «أَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» (^١) فقد جعل النبي ﷺ هذا العمل من الإيمان، فدلَّ ذلك على: أنَّ الطاعات -وهي أعمال الجوارح- تدخل في مسمَّى الإيمان، وأنَّ الإخلال والتقصير بأداء الطاعات يضُرُّ بالإيمان. زيادة الإيمان ونقصانه: إذا عرفنا ذلك عرفنا أنَّ الإيمان يزيد وينقص. يزيد بطاعة الله -جل وعلا- وينقص بعصيانه. والناس والمؤمنون يشاهدون ذلك ويرونه من أنفسهم. وقد أشار -جل وعلا- إلى هذا وبيَّنه في كتابه الكريم، فقال ﷾: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾ [الفتح: ٤] فالآية صريحة في أنَّ الإيمان يزيد. وقال -جل وعلا-: ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ [الأنفال: ٢] وقال -جل وعلا-: ﴿وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا﴾ [المدثر: ٣١] إلى غير ذلك من الأدلة التي تدل على زيادة الإيمان. وكلُّ شيء قَبِلَ الزيادة فهو قابل للنقصان. وقال النبي ﷺ في حديث النهي عن المنكر: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» (^٢) فهناك مؤمن قوي، وهناك مؤمن ضعيف، كما أخبر النبي ﷺ. وقد جاء في الحديث: «أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» (^٣). فدَلَّ هذا على أن المؤمنين أيضًا يتفاوتون في الإيمان؛ وبعضهم يكون أكمل إيمانًا

(^١) تقدم تخريجه في المجلس الأول. (^٢) مسلم (٤٩) من حديث أبي سعيد الخدري ﵁. (^٣) أخرجه أبو داود (٤٦٨٢) والترمذي (١١٩٦) من حديث أبي هريرة ﵁. وصححه الألباني في الصحيحة (٢٨٤) وحسنه شيخنا الوادعي في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (٣٠٧).

1 / 49