98

قصص من التاريخ

قصص من التاريخ

Editorial

دار المنارة للنشر والتوزيع

Número de edición

العاشرة

Año de publicación

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٧ م

Ubicación del editor

جدة - المملكة العربية السعودية

Géneros

وجاء اليوم الموعود، واحتشد أهل سمرقند من كل قاصٍ منها ودانٍ، وجاء الكهنة الذين كانوا محتجبين لا يراهم أحد، وجاء القائد الفاتح الذي خلف قتيبة. وكانت المحكمة في المسجد، فقعدوا ينتظرون القاضي. ولم يكن الكهنة يأمُلون في شيء ... وفيمَ يأمُلون؟ في أن يحكم لهم القاضي المسلم بطرد المسلمين من سمرقند؟ يحكم لهم هم المغلوبين على أمرهم، المخالفين للقاضي في دينه، الذين لم يبق لهم حول ولا طول؟ وعلى من يحكم؟ على خلفاء القائد المظفر الفاتح الذي لم يطأ أرضَ المشرق قائدٌ أعظم منه، ولا أكثر ظفرًا، ولا أعظم فتحًا، إسكندر العرب: قتيبة؟ كانت القلوب تخفق ارتقابًا لأعجب محاكمة سمعت بها أذنا التاريخ، وكانت الأبصار شاخصة إلى باب المسجد الذي يدخل منه القاضي الفرد الذي وُضعت في عنقه أعظم أمانة وُضعت في عنق قاض، والذي أُلقي بين حجرَي الرحى؛ فها هنا مصلحة أمته وسيادة دولته والبلد العظيم الذي خفقت فوقه راية الإسلام وامتلكه أهله، وهناك الحق والشرف. وإنها لمزلة أقدام القضاة، وإنها لمحنة الضمائر. وكان صاحبنا السمرقندي يقرأ الشك والارتياب في وجوه أهل بلده وفي أوجه الكهنة كما يقرأ المرء في صحيفة منشورة أمامه. أما هو وأما المسلمون فلم يكونوا يشكّون، ولم تكن تُداخلهم ريبة في أن الحق والشرف فوق مصلحة الوطن، وما

1 / 103