134

La historia de Troya

قصة طروادة

Géneros

انتهت الهدنة، واندلعت نيران الحرب كرة ثانية، والتحم الجمعان تؤجج العداوة بينهما ثارات وثارات؛ ولم يجد الطرواديين أن تنضم إليهم مليكة الأمازون تحارب بفصائلها في صفوفهم، وتشد بجموعها أزرهم، فإن أخيل هو هو لم ينقص ولم يزد، بل هو يزيد كل يوم ظمأ إلى دماء قاتلي صديقه وأحب الناس إليه ... بتروكلوس الشهيد ...

لقد انقض أخيل على مليكة الأمازون التي انقضت بدورها على جحافل الهيلانيين فأوقعت الروع في نفوسهم، وقذفت الرعب في قلوبهم، فلم يزل بها يصاولها ويطاولها حتى نهز منها نهزة أنفذ بها رمحه في صدرها، وعفر جبينها الملتهب بثرى المعمعة، وجردها من سلاحها فإذا هي جثة هامدة، وانكفأ أتباعها وبهن من الحزن على صاحبة الأمر فيهن ما صرفهن عن طروادة والطرواديين.

وإن أخيل ليصول في الميدان ويجول، وإنه ليرتفع بصره عفوا وعن غير قصد إلى البرج الشاهق من أبراج إليوم فوق البوابة الإسكائية إذا هو يلمح قمرا مطلا من شرفة البرج يرنو بعيني ظبي، ويهطع بجيد رئم، ويشرق بخدين ناضجين من خدود ربات الخدور، يرسلان على الساحة كلها سناء ورواء ...

من هي؟

من هذه العذراء البارعة التي تشرف هكذا على الساحة الحمراء فتطفئ جذوات الغل المتقدة بين أضلاع أخيل، وتضع حدا لهذه الثورة التي ظلت إلى تلك اللمحة تعصف بنفسه الغضبى، وتحز في قلبه المحزون؟

أوه! إنها الأميرة الفتانة بوليكسينا، صغرى بنات الملك الشيخ، بريام البائس الباكي الحزين.

لقد أرسلتها العناية لتشرف على الساحة الصاخبة، ولتنظر إلى هذا البطل الخرافي الجبار الذي لم يعد بيت في طروادة كلها إلا وفيه لسان يلهج بذكره، ويتحدث عن شجاعته، ويصف جبروته ... ثم لم يعد بيت في طروادة كذلك إلا وفيه عين مؤرقة تبكي على عزيزها الذي قتله هذا البطل، أو الذي سيقتله، أو الذي يخشى عليه أن يقتله، كأنه أصبح سفير هيدز إلى إليوم، أو وزير بلوتو العظيم!

وأبصر أخيل بها ... ويا لها من نظرة أنبتت في قلبه دوحة من الحب وارفة، ذات ظلال وذات أفياء ...

وظل الرمح يهتز في يده، ولا يصيب أحدا، وظل هو يسارق النظر قمر البرج المطل مشدوها مسبوها، لا يعرف لماذا شبت هذه الحرب، ولماذا يقتتل هذان الجمعان؟!

وانثنى من الميدان ينظر في هذا الغرام الجديد.

Página desconocida