123

La historia de Troya

قصة طروادة

Géneros

على موتاه!

وتفرق الهيلانيون بعد أكل شهي وري، ونهض الميرميدون إلى خيامهم يخلعون عددهم ويستجمون من عناء اليوم الحافل، ولبث أخيل وحده على الشاطئ الشاحب يرقب أواذيه الصاخبة ويرى إلى أعراف الموج تنتطح هنا وهناك وترتد ثم ترتد حتى تغيب في لا نهاية الماء!

ثم غفا إغفاءة فتمدد على العشب وأسلم جفنيه لنوم عميق.

ورأى ظلا حزينا يطيف به، ولا يكاد يبين، فتقلب ذات اليمين وذات الشمال مما تأخذه الرؤيا به، ولكن الشبح ما يفتأ يهوم ثم يهوم، ويقترب ثم يقترب حتى يكون عند رأسه، وحتى يقر النائم فما تبدو منه حركة، ويسكن فما يتردد فيه نفس، ويحسر الزائر لثامه، فإذا هو بتروكلوس!

لقد أقبل روحه الكبير يتحدث إلى مولاه، فيقول: «أخيل! أهكذا تنام ملء عينيك وتدع صديقك يهيم في مملكة الظلمات دون أن يؤذن له بعبور ستيكس الفائض بالحميم، ليقر في عدوته الأخرى مع المؤمنين! إنني يا صديقي سأبقى طريدا شريدا ما دمت أنت متوانيا عن تأدية الطقوس التي يتطلبها بلوتو وتفرضها السماء!

ماذا تبتغي بعد أن ثأرت لي يا أخيل؟ ألا يشجيك أن أظل معذبا في هذا التيه الذي لا نهاية له، كاسف البال مسبوه اللب؛ لأنك تأبى أن تؤدي لي فرائض الآخرة!

أتحسب أنا ملتقيان في دنياك كرة ثانية يا أخيل، فأنت تنتظر هذا اللقاء؟ لا، لا يا صديقي؛ نحن لا نلتقي إلا هنا! في هذه الدار الجميلة الهادئة التي لا صخب فيها ولا ضجيج ... سنلتقي هنا ... وسنلتقي سريعا ... ولن أزعجك إذا أخبرتك بما علمته هنا! ... لأنك ملاق حتفك تحت أسوار طروادة، لا تنزعج يا أخيل، فأنت بطل، والأبطال أمثالك لا يرهبون الموت، والبطل الذي لا يجرع الكأس طافحة في حومة الوغى يموت موتة لا تشرفه، فاطمئن! إنما ذكرت لك ذلك لأن لي رجية عندك أتمنى لو أديتها لي، ذلك أن توصي فتدفن رفاتك في نفس الرمس الذي يضم رفاتي لنظل آخر الدهر متقاربين كما كنا أول الدهر متقاربين، ولنقضي أحقاب الموت في مربع معا كما قضينا شرخ الشباب في ملعب معا.

إيه يا ذكريات الماضي السعيد!

أبدا لن أنسى يوم حملني مولاي الأمين أمفيد أماس من نجاد أوبوس إلى بلاط بليوس، حيث نشأت وترعرعت في ظلال القصر الذي ترعرعت فيه يا أخيل، وأبدا لن أنسى هذا الحنان الذي كانت تغمرني به ذيتيس أمك الرءوم حتى اشتد ساعدانا وسار الركبان باسمينا في كل ناد.

هلم يا أخيل، انهض يا زعيم الميرميدون، واذكر ما قلته لك.»

Página desconocida