واستمر الظلام والفوضى يسودان الأرض يوما كاملا . وعجز الناس عن أن يرى بعضهم بعضا. ولقد كان الفزع شديدا، حتى إن الآلهة في السماء تملكهم الخوف، ونزل بقلوبهم الفزع الشديد، فكانوا «ككلاب الصيد»، يبكون حيارى آسفين على أنهم اشتركوا في تخريب الأرض وأخذوا بضلع في إفناء النوع البشري.
واستمرت الأنواء ستة أيام وست ليال حسوما، وانقطع المطر عن التهطال في اليوم السابع وبدأ الطوفان يتناقص، ثم يقول «أوت-نابشتيم»: «نظرت في البحر وصرخت بكل ما في من قوة صرخة فزع وحسرة؛ لأني رأيت أن كل النوع البشري قد تحول إلى رماد «صلصال كالفخار»
Clay ، وتبدلت الحقول الغضة إلى أحراش وضحاضح، وفتحت النافذة فوقع الضوء على وجنتي، غير أني نزلت من النافذة إلى ظهر السفينة، ثم وقعت صعقا أبكي مر البكاء، وعلى وجنتي جرت شئوني هتانة فائضة؛ إذ نظرت إلى الدنيا فما وجدتها إلا بحرا خضما متلاطم الأمواج.»
طيور الاستكشاف
وفي النهاية استوت السفينة على قمة جبل «نتسير»
Nitsir ، وهنا يختلف الأرخيولوجيون في قراءة الألواح. ففي قراءة منها تسمع «أنه بعد اثني عشر يوما ظهرت الأرض.» وفي أخرى تجد أنه: «بعد مسافة «12 كاسبو» ظهرت اليابسة.» وفي أخرى أن الأرض ظهرت بارتفاع اثني عشر ذراعا
Cubits
فوق الماء، ومهما يكن من الأمر، فإن السفينة ظلت ستة أيام فوق قمة الجبل، وفي اليوم السابع أطلق «أوت-نابشتيم» حمامة، غير أن الحمامة لم تجد موضع قدم تقف فيه، فرجعت إلى السفينة، فأرسل خطافا فرجع إليه ثانية؛ إذ لم يجد مكانا يستقر فيه. وأخيرا أرسل غرابا، ولما كان الوقت قد حان لأن تنحسر المياه من فوق الأرض، اقترب الطائر من السفينة، وظل ينعق متهاديا مترنحا ولكنه لم يدخل إليها.
وعندئذ أحضر «أوت-نابشتيم» أهل بيته وكل أمتعته إلى الفضاء، وقدم إلى الآلهة قربانا من حطب وخشب السيدر وعطر البخور، وارتفعت رائحة العطر إلى مقر الآلهة فاجتمعوا «كالذباب» - على ما تصفهم الرواية - من حول القربان، وكان من بين الآلهة «عشتار» سيدة الآلهة، فرفعت عقدها الثمين الذي أعطاه لها «عانو» وقالت: «ما هذه الآلهة! قسما بما حول عنقي من لآلئ «لابيز لازولي»
lapis lazuli
Página desconocida