فينتصران عليه! كما ينتصران أيضا على الثور المقدس الذي يرسله عليهما الإله «عانو»
Anu . ويستمر انتصارهما تاما متتابعا حتى نهاية اللوح السادس، وتستمر قوة «غلغامش» في الازدياد كالشمس إذ تقارب الأوج.
وفي أول اللوح السابع يأخذ سعده في الأفول، فيموت «إيباني» إذ يقتل تحت تأثر غضب «عشتار»، بعد أن يرفض «غلغامش» حبها باحتقار ويردها بازدراء. وهنا يحزن «غلغامش» على موت صاحبه حزنا شديدا، ويداخله الخوف من أن يموت كما مات رفيقه، فيصمم على الذهاب باحثا وراء سلفه «أوت-نابشتيم» (على اعتبار أنه الشخص الوحيد الذي نجا من الطوفان، مسحته الآلهة بمسحة الألوهية ووهبته الخلود)؛ ليعرف منه سر الحياة الخالدة. أما مخاطراته التي يصادفها في هذه السبيل فليس عليها من صبغة العظماء ما كان لمخاطراته الأولى، فيتجه نحو الشمس ميمما شطر «جبل الغروب» ويقتحم طريقه من بين «العقاربة» (رجال أشبه بالعقارب)
Scorpion-Men ، ويعبر بحر الموت. أما «أوت-نابشتيم» فيلقنه أن الناس لا بد من أن يموتوا أجمعين ما عداه هو؛ لأنه مستثنى منهم لظروف شاذة.
وعلى الرغم من أنه بعد ذلك يهيئ «غلغامش» بفرصة أن يأكل من «شجرة الخلود» فإنه يفقد الفرصة، ثم يشفي «أوت-نابشتيم» «غلغامش» من مرض ينزل به عندما كان يعبر «بحر الموت»، ثم يعود بعد ذلك إلى مدينة «إريخ»، وفي هذه الأعمال تتخيل كيف تنحدر الشمس نحو المغيب إلى العالم السفلي، عندما تميل نحو «جبل الغروب»، كذلك يستحيل على الشمس أن تكسب الخلود وأن تظل أبد الآبدين مشرقة على أرض الأحياء، إنها لا بد من أن تعبر «بحر الموت» وأن تختفي في العالم السفلي.
غير أن عودة «غلغامش» إلى «إريخ» تمثل تنفس النهار مرة أخرى، وفي هذا معنى الصراع الدائم بين الليل والنهار، والصيف والشتاء، فالظلمة قد تغزو النور، غير أن النور لا بد من أن يبرز منتصرا مرة أخرى، والصراع دائم لا نهاية له.
ولقد رأى بعض الثقات أن في تقسيم القصة إلى اثني عشر لوحا علاقة بأشهر السنة أو بمناطق البروج، ولا يبعد أن يكون لهذا التقسيم علاقة بهذه الفكرة، ولكننا إذ نرى أن تقسيم القصة وضعيا في ألواح قلما يتفق مع تقسيم القصة الطبيعي، فالظاهر أن الصيغة الاسترلوجية (التنجيمية) لهذا التقسيم هي من وضع نساخ نينوه
Ninoveh ، الذين يظهر أنهم أجهدوا أنفسهم كل جهد في سبيل تقسيم القصة على هذه الصورة.
إيباني
إن أعظم ما في أسطورة «غلغامش» من الصور الميثولوجية المتنافرة هي تلك الصورة التي يمثلها «إيباني»، وهو الشخصية التي تمثل الإنسان البدائي الذي يعيش مع وحوش البرية كواحد منهم. غير أنه على لما يرى بعض الثقات صورة أخرى من صور إله الشمس، قد تقارب في أهميتها شخصية «غلغامش» نفسه، فهومصدر خوف وخشية فيخفف كبطل «أرك» يرتفع إلى الأوج الأعلى من القوة والسلطة منظومة في سلسلة متتابعة من الانتصارات، ثم يسقط آفلا إلى الدنيا السفلي، وهو على ذلك لا يفنى فناء تاما، أو تزول صورته زوالا كاملا، بل تبقى ذكراه حية في مخيلة «غلغامش». وهو في اللوح الثاني عشر يعود إلى هذه الدنيا لا بذاته بل بشبحه
Página desconocida