فما في حياتك من فائدة
قال: ثم إن المقداد قال للوزير: بماذا تفدي نفسك؟ قال: بمائة وستين ألف دينار ذهب أحمر. قال: هاتها سريعا. فأتى الوزير بالمال وسلمه إلى المقداد فأخذه المقداد وعفا عن الوزير لكرامته وقبل يدي الملك كسرى، قال: ثم إن الملك كسرى دعا بالخلع فأحضروها بين يديه فخلع على المقداد وأعطاه كما طلب وقال: يا مقداد هل لك حاجة نقضيها لك؟ قال المقداد: نعم أيها الملك العظيم، أنا أريد منك هذا التاج الذي على رأسك ألبسه في بلادي وأفتخر به على سادتي وعشيرتي.
فلما سمع الملك كلامه رفع التاج من على رأسه، ووضعه على رأس المقداد وكان التاج مرصعا بالدر والجوهر، وكان يعادل خراج العراق سبع سنين، ثم إن المقداد مدح الملك كسرى وأنشد يقول:
لقد نلت من كسرى مرامي كلها
وبلغت ما أرجوه بالعز والنصر
فلا زال كسرى بالأمان مؤيدا
بالعز والإقبال والنهي والأمر
كما أعطاني المال والخير كله
وعمره لا يعطى المال بالغدر
ثم إن المقداد قضى مراده من بلاد كسرى، وسار يطلب أهله وجعل يجد السير ليلا ونهارا. هذا ما كان من أمر المقداد، وأما ما كان من مالك بن الرباح وأخيه شدقم، فإنه لما أبطأ المقداد على جابر وزال الميعاد بينهما، فأنفذ مالك بن الرباح أخاه شدقم وأرسل مائة فارس إلى جابر يخطب منه ابنته المياسة، وظنوا أن المقداد قد مات وندبت عليه النوادب وقالوا: قد مات المقداد، وكان شدقم قد أتى بجميع ما طلب جابر من المقداد من المال وغيره، ولما وصل شدقم إلى الحي وسمع جابر فتلقاهم وحياهم وأكرمهم وأخذ المال وأضافهم. قال شدقم: يا جابر نريد المسير إلى أهلنا. فدخل جابر إلى ابنته وأخبرها بالخبر، وقال: قد بعث مالك أخاه بجميع الشروط التي شرطتها على المقداد وأكثر وهو يخطبك مني، والمقداد قد مات وهذا مثله فماذا تأمرين؟ فقالت: الأمر أمرك. فقال: إني مزوجك به فتأهبي. فلما أراد شدقم الذهاب أمرها أن تركب في هودج وتسير معهم فركبت وركب العسكر وخرجوا سائرين يريدون أهلهم، فلما وصلوا في بعض الطريق صادفهم المقداد وسلم عليهم. فقال المقداد: أيها الفارس، من تكون صاحبة الهودج؟ فقال الفارس: هذه المياسة بنت جابر. فلما سمع المقداد التهبت نيرانه وكثرت أحزانه وأنشد، ثم نزل عن جواده ولبس درعه وتقلد سيفه واعتقل رمحه وأنشد يقول:
Página desconocida