Historia de la filosofía griega
قصة الفلسفة اليونانية
Géneros
بحث أفلاطون في الغرض من الدولة، وبعبارة أخرى في الغاية التي نقصدها من ورائها، فقال إن الغرض من حياة الأفراد هو الحكمة والفضيلة والمعرفة، والأفراد لا يستطيعون الوصول إلى هذه الغاية من غير أن يعانوا عليها، فالغاية من الدولة إسعاد أفراد الأمة وإعانتهم على الوصول إلى هذه الأغراض التي ذكرنا، وإذ كان خير وسيلة لإعانة الأفراد على الوصول إلى أغراضهم هو التربية كانت تربية الشعب أول عمل وأهم عمل تقوم به الدولة.
يجب أن تؤسس الدولة على الفكر والتعقل، وأن تكون القوانين التي تصدرها ناشئة عن فكر وتعقل، ومثل هذه القوانين لا يمكن إلا أن تصدر عن عقلاء مفكرين، وبعبارة أخرى «فلاسفة»، فحكام الأمة يجب أن يكونوا فلاسفة، ولما كان الفلاسفة في كل أمة قليلين، وجب أن تكون الحكومة أرستقراطية، ولكن لست أعني أرستقراطية النسب ولا أرستقراطية المال وإنما أعني أرستقراطية العقل، ويجب أن يكون أول عنصر في الدولة العقل ثم القوة ثم العمل، وكل عنصر من هذه العناصر تمثله طائفة من الأمة: فالعقل في طبقة الحكام، والقوة في الشرطة والجنود والمحاربين ونحوهم، وقد احتجنا إليهم في الدولة؛ لأن بعض العامة لا يخضعون للقوانين التي يصدرها العقلاء طوعا، فيجب أن يخضعوا لها كرها (بواسطة القوة) والعمل في طبقة العمال. وهذا التقسيم الثلاثي تابع عنده للتقسيم الثلاثي للنفس الذي ذكرناه من قبل، فالقسم المفكر من نفس الشخص يقابله في الدولة فلاسفة الحكام، والقسم الراقي من النفس اللاعاقلة يقابله الجنود والمحاربون، والقسم الشهواني يقابله طائفة العمال. كذلك الفضائل لكل قسم في الدولة هي الفضائل لكل قسم في النفس، ففضيلة الحكام الحكمة، وفضيلة الجنود والمحاربين الشجاعة، والعمال العفة، وقيام كل بفضيلته، وتعاون هذه الفضائل الثلاث ينشأ عنه العدل الاجتماعي.
يجب - كما قدمنا - أن يكون الحاكم فيلسوفا، وأن يكون كذلك دائما، وأن يصرف وقته في تعرف المثل، وبعبارة أخرى في دراسة الفلسفة، وألا تستغرق أوقاتهم مسائل الحكم؛ ولذلك يجب أن يكون الحكم دوريا، فبعض الفلاسفة يحكمون حينا ويتفلسفون حينا - وهكذا دواليك - وواجب الشرطة والجنود حماية الدولة داخليا وخارجيا، فهم يحمونها خارجيا من أعدائها الخارجين، وداخليا من الدوافع اللاعاقلة التي تصدر عن غوغاء الشعب.
وعلى الجملة أهم عملهم تنفيذ الأوامر والقوانين التي يصدرها الحكام الفلاسفة، وواجب العمال أو جمهور الناس الاشتغال بالتجارة والزراعة والحرف ونحو ذلك، ويجب أن تمتنع الطبقتان الأوليان عن الاشتغال بشيء من ذلك.
ولكن كيف نعين أن هذا الفرد من طبقة الحكام أو الجنود أو العمال؟ يقول أفلاطون: إن هذا لا يترك للشخص نفسه ليلتحق بأية طبقة ولا يحدد بالمولد، فليس ابن الفيلسوف يربى ليكون من طبقة الفلاسفة وهكذا، إنما يترك إلى رجال رسميين في الدولة يعينون طبقة الشخص بناء على اختبارهم غرائزه واستعداداته كما يعينون عدد ما تحتاجه الدولة من كل طبقة من الطبقات الثلاث.
يجب على الدولة أن تمكن الأفراد من الوصول إلى سعادتهم وذلك بتشجيع ما هو خير، وهدم كل ما هو شر، ومن وسائل حصر الشر ومنع تسربه إعدام الأولاد يولدون من آباء أشرار، وعدم السماح للضعاف والمرضى من الأولاد بالبقاء، ومن وسائل تشجيع الخير سيطرة الدولة على تربية الناشئين، فيجب فصل الأولاد عن آبائهم من وقت ولادتهم وانتسابهم إلى الدولة لا إلى آبائهم، وإشراف الدولة من صغرهم على تربيتهم، ويجب اتخاذ الوسائل الفعالة في ذلك حتى لا يعرف الآباء أولادهم إذا خرجوا للحياة العامة، ويجب أن تشرف الدولة إشرافا تاما على برامج التعليم، وألا تسمح بتعليم شيء يعين على الرذيلة ويضر بأفكار الشعب، فمثلا الشعر يجب ألا يسمح منه إلا بما يعين على الفضيلة، ولا يكفي في السماح به أن يكون جميلا؛ إذ لا قيمة للجمال إذا لم تكن غايته الفضيلة، ولذلك يجب أن تشرف عليه الدولة.
يجب أن تراعى مصلحة مجموع الأمة لا مصلحة فرد أو أفراد، فيجب ألا يكون لفرد منفعة شخصية تتميز عن منفعة المجموع، ويجب أن تنهار هذه المصالح الفردية، فليس هناك ملكية، وليس هناك اختصاص الأب أو الأم بأولاد معينين بل اشتراكية في الأموال والنساء والأولاد، والدولة تملك الأولاد منذ ولادتهم. (6) رأيه في الفن
لم يكن لأفلاطون بحث منظم قائم بنفسه في الفن، وإنما له فيه آراء مبعثرة نذكر أهمها:
نظريات الفن الحديثة مؤسسة على أن الفن غاية في نفسه لا وسيلة لشيء آخر، وأن الشيء الجميل له في نفسه قيمة ذاتية، وأن الفن يحكم بقوانينه هو، وبمقتضى مقاييس الجمال، وليس يحكم عليه كما يذهب «تولوستوي» بمقتضى المقاييس الأخلاقية، وليس الجميل وسيلة للخير بل هو نفسه غاية، أما أفلاطون فيرى أن الفن يجب أن يكون خاضعا للأخلاق والفلسفة، فالشعر مثلا كما أسلفنا لا يسمح منه إلا بما يعين على الفضيلة، ولا يكفي أن يقال إنه جميل ليسمح به، فيجب أن يلجم الشعر بالأخلاق.
وفي العصر الحديث كان «رسكن» يرى هذا الرأي ومن أقواله المشهورة: «لا يمكن أن يكون جميلا إلا ما كان حقا.» هذا خضوعه للأخلاق، وأما خضوعه للفلسفة فذلك أن الغرض من التربية تفهم المثل، والعلوم والفنون إنما وضعت في برامج التعليم والتربية؛ لأنها تعين على فهم هذه المثل، أما هي فلا قيمة لها في ذاتها.
Página desconocida