Historia de la filosofía griega
قصة الفلسفة اليونانية
Géneros
Idealism .
وعلى الرغم من أن سقراط قد أصلح بنظرية المعرفة كل ما أفسده السوفسطائيون فرد إلى الناس إيمانا بالحقائق الخارجية بعد ما اعتراهم الشك فيها، فلم يعد بالفكر إلى حالته قبل السوفسطائيين بل سار به خطوة واسعة إلى الأمام، فالفكر يجتاز في سيره - عادة - مراحل ثلاثا؛ الأولى: مرحلة العقيدة التي لا تقوم على أساس من العقل، والثانية: مرحلة يكون الفكر فيها شاكا هادما ينكر ما بنته العقيدة في المرحلة الأولى، وفي الثالثة: تعود العقيدة بعد الشك مرة ثانية، ولكنها تقوم هذه المرة على أساس الإدراك العقلي لا على التصديق الساذج، فقد كان الناس قبل عهد السوفسطائيين يسلمون بصحة الحقائق والأخلاق وثبوتها مستقلة عن الإنسان، ولكن أحدا لم يعن بإقامة الدليل عليها؛ لأن أحدا لم يشك في صحتها، فجاء السوفسطائيون وأخضعوا العقائد القديمة إلى نقد العقل، فانهار البناء جملة واحدة، ثم تبعهم سقراط وأعاد الأمر إلى نصابه ولكن على أساس جديد، فقد استبدل بالتصديق الساذج العلم والمعرفة.
وقد ظهر في أثينا رجل آخر يريد إصلاح ما أفسده السوفسطائيون كما فعل سقراط، ولكنه التمس طريقا أخرى تناقض السبيل التي سلكها سقراط، وذلك هو «أرستوفان» الذي كان محافظا شديد المحافظة والجمود، يتحسر على الماضي الجميل، ويود لو عادت الحياة سيرتها الأولى كما كانت قبل السوفسطائيين، وما دامت هذه السيئات كلها من أثر الفكر فليتوقف الفكر عند حده لا يسمح له بالتقدم، ليعود الناس إلى الإيمان الساذج البسيط، غير عالم أن الحياة لا تعود إلى الوراء كما يستحيل أن يسترد الرجل طفولته، فتلك نكسة لا يعرفها منطق السير والتطور، وليس علاج المرض كما اقترح أرستوفان في صد تيار الفكر، بل هو في الزيادة فيه ما دام الفكر المبتور الناقص ضارا لا ينفع، وتلك كانت سبيل سقراط إلى الإصلاح المنشود. (1) أتباع سقراط
قامت فلسفة سقراط على دعامتين كما أسلفنا؛ الأولى: نظرية المعرفة التي أنكرت أن تكون الإدراكات الحسية أساسا للعلم، وقالت إن الإدراكات العقلية - أي الأحكام الكلية - هي وحدها المعرفة، وهي ليست من عمل الحواس ولكنها من صنع العقل، ولما كان العقل عنصرا مشتركا عند الأشخاص أمكن أن يكون مقياسا لا تختلف نتائجه باختلاف الظروف، ومعنى ذلك أن الحقائق في العالم الخارجي ثابتة يدركها العقل دائما على صورة واحدة، والثانية: هي النظرية الأخلاقية التي توحد بين العلم والفضيلة.
إقليدس الميغاري، أحد تلاميذ سقراط، وهو يخاطب تلاميذه.
وعلى الرغم من أن نظرية المعرفة كانت أبقى وأعمق أثرا في مجرى تاريخ الفلسفة من نظرية الأخلاق، إلا أن الوضع قد انعكس في أعين تلاميذ سقراط؛ لأنهم - وقد خالطوا أستاذهم - بهرتهم حياته الأخلاقية، واستولت على إعجابهم حتى أنستهم جوانب فلسفته الأخرى، فتأثروا خطاه بعد مماته، وحاولوا جهدهم أن ينسجوا حياتهم الأخلاقية على منوال حياته، فاتخذوا مثله الأعلى شعارا لهم، وهو أن الفضيلة غاية الحياة.
أجمع أتباع سقراط على هذا المبدأ، واتفقوا جميعا على أن تكون الفضيلة غرضا لحياتهم كما كانت غرضا لحياة أستاذهم، ولكنهم التمسوا إلى تلك الغاية وسائل شتى؛ ذلك لأنهم اختلفوا في تفسير الفضيلة، فلم يترك لهم سقراط تعريفا واضحا لها، يرجعون إليه ليطبعوا سلوكهم بطابعه، وكل ما قاله في هذا الصدد أن الفضيلة يجب أن تنبع من العلم وأن تقوم على أساسه، فيشترط لكي تكون فاضلا أن تكون عالما بتعريفها، أما ما هذا التعريف فذلك ما لم يتعرض له سقراط، قد يقال إنه عرفها بأنها العلم، وهذا صحيح، ولكن أي علم قصد إليه سقراط؟ أهو علم الفلك أو علوم الطبيعة والرياضة؟ كلا، إنما هو علم الأخلاق، أو بعبارة أخرى علم الفضيلة، فكأنما هو يدور في حلقة مفرغة تبدأ من حيث تنتهي؛ لأنك إذا قلت إن الفضيلة هي علم الفضيلة لم توضح منها شيئا.
إذن لم يترك سقراط تعريفا للفضيلة، فكان تعريفها موضع الخلاف بين أتباعه، وانقسموا في تفسيرها شيعا ثلاثا، كل منها تذهب مذهبا يلائم وجهة نظرها، وكل منها تجد من سلوك سقراط مبررا لسلوكها، وهذه المدارس الثلاث هي: الكلبيون، والقورينائيون، والميغاريون. (1-1) الكلبيون
Cynics
كان زعيم تلك الطائفة أنتسثنيس
Página desconocida