Historia de la Filosofía Moderna
قصة الفلسفة الحديثة
Géneros
فيرى أنها إنما نبعت من الفكر الخالص، أي تكونت داخل الشخص المفكر نفسه، فأما المذهب الواقعي فلا يأخذ به «فخته»؛ لأنه يستلزم وجود شيء مجهول خارج الوعي والإدراك، وعنده أن المثالية وحدها هي وجهة النظر المعقولة؛ لأنها لا تفرض وجود سوى شيء ما يشتمل عليه الإدراك فعلا، ولكنه يشترط أن تكون المثالية كاملة شاملة، بحيث نسلم بوجود اللاذات إلى جانب الذات، وكل مثالية تتمسك بأن الحقيقة هي الذات وحدها - منكرة وجود اللاذات - فهي مثالية ناقصة، ولكن لا تحسبن أن «فخته» يريد بهذه اللاذات التي يقرر وجودها شيئا موجودا في الخارج مستقلا عن الذات، بل هي كائنة في الذات نفسها! فهو يقول: إن الذات المطلقة لا تدرك نفسها إلا إذا وضعت لنفسها بعض الحدود والقيود، فأنتجت لذلك عالما يظنه الرجل العادي أنه موجود في الخارج، مع أنه في حقيقة الأمر عالم داخلي محض أنشأته إنشاء ليكون لها وسيلة تستعين بها على تقرير نفسها والشعور بوجودها، وعلى ذلك نستطيع أن نزيل ما وقع فيه «كانت» من شطر الحقيقة إلى شطرين: العقل، «والشيء في ذاته». إذا ما علمنا أن ذلك الشيء في ذاته هو شيء في الذات ومن خلقها.
تلك هي فلسفة «فخته» موجزة مجملة، وسنعمد الآن إلى شرحها في شيء من التفصيل.
يبدأ «فخته» بأن يتأمل في ذاته ليرى المراحل التي اجتازتها الذات - أو العقل - حتى وصل الإدراك إلى حالته التي هو عليها، فهو يرى أن مهمة الفيلسوف هي أن يفكر في نفسه، وأن يسجل ما يحدث في العقل أثناء ذلك التفكير، ولقد انتهى بما قام به من تحليل نفسه إلى أن هناك خطوات ثلاثا تمر بها الذات لكي تدرك نفسها، وهي التقرير
Thesis ، والتباين
Antithesis ، ثم التأليف
Synthesis . (1)
فشرط المعرفة الأساسي هو أن تقرر الذات وجودها، وهي ما يسمى بمبدأ الذاتية
Identity ، والذاتية هذه بديهية عقلية لا يمكن أن تقام عليها البراهين، ومثالها قولك 1 تساوي 1، أو «أنا هو أنا.» وإذن فالأساس الأول للإدراك هو أن أدرك وجودي وأقرر ذاتي، ويستحيل أن يكون ثمة من إدراك إلا إذا بدأت الذات بتقرير نفسها كحقيقة واقعة. (2)
ولكنك لا يمكن أن تقرر ذاتك إلا إذا قررت إلى جانبها اللاذات، مع أن هذه تنافي تلك، فالتسليم بوجود اللاذات (أي ما ليس بنفس؛ ما ليس «أنا») بديهية عقلية كذلك لا يمكنك أن تعللها، ولكنك تعلم علم اليقين أنك بمجرد التفكير في نفسك، فإنك لا بد أن تفكر في لا نفسك أيضا، وهذا ما سميناه بالتباين. (3)
ولكن هنالك إلى جانب ذينك الطرفين المتعارضين - تقرير الذات واللاذات في آن واحد - عملا ثالثا هو التأليف بينهما، فمن المعلوم أنه بمقدار ما تثبت اللاذات تنتفي الذات، ولكن مع ذلك لا يمكن إثبات اللاذات إلا في داخل الذات نفسها - أي الإدراك، أو العقل، أو الوعي - وإذن فالذات في حقيقة الأمر لا تنتفي بثبوت اللاذات، فكيف نتخلص من هذا التناقض في القول؟ كيف نفكر في الذات واللاذات ، في الحقيقة واللاحقيقة معا في آن واحد دون أن يهدم أحدهما الآخر مع أن أحدهما لا يثبت ويتقرر إلا على حساب الآخر؟ يقول «فخته» إن تفسير ذلك هو أن كلا من النقيضين يضع لزميله القيود التي يحدده بها، بل لا يمكن لأحدهما أن يكون إلا بهذه الحدود التي يقيده بها معارضه، فالذات لا تقرر نفسها وتشعر بوجودها إلا إذا حددتها اللاذات، واللاذات لا يتم لها وجود إلا إن حددتها الذات، وهذا ما سميناه بالتأليف.
Página desconocida