Historia de la Filosofía Moderna
قصة الفلسفة الحديثة
Géneros
حسبنا من هذا العصر أن نتحدث عن علم من أعلام الكنيسة يمثل العصر ويبين اتجاهه، هو «أورليوس أوغسطين»
Aurelius Augustinus
ولد في تجستي
Tagaste ، في شمال إفريقيا سنة 353م، وكان أبوه وثنيا، وأمه مسيحية تلتهب حماسة دينية، فشب الابن في صدر حياته على وثنية أبيه، ولكن الأم التقية الورعة لم تزل توعز إلى ابنها بالمسيحية بما ترتل من صلاة كل يوم، حتى فتح أوغسطين قلبه للدين الجديد، وهو في سن الرابعة والثلاثين، ثم أنفق ما بقي من حياته في نشر المسيحية، والدفاع عنها. لا يفتر ولا يني حتى وافته منيته سنة 430م . ولعل أقوم ما جادت به قريحته في هذا السبيل كتابه الخالد المسمى
De Civitate Die
دافع فيه عن الكنيسة دفاعا قويا بارعا، جعله ينزل من قلوب العالم المسيحي طوال القرون الوسطى منزلة الإمام الذي تقام به الحجة الصادعة، فحسب المجادل أن يشير إلى قول أوغسطين، حتى تنحسم كل أسباب الخصومة والنزاع، وها نحن أولاء نعرض فلسفته عرضا موجزا. (1-1) نظرية المعرفة
أيقن أوغسطين بوجود الله والروح والإدراك العقلي، لم يخالجه في ذلك شك، فلئن جاز للإنسان أن يرتاب فيما تأتي به الحواس من ألوان المعرفة، فليس يجوز له أن يشك في إدراك العقل؛ لأنه حق ويقين ليس إلى الشك فيه من سبيل. والشك مهما اتسعت دائرته لا يتناول شعور الإنسان بإحساسه الباطني. ويشير أوغسطين إلى أن الإحساس بالشيء الخارجي والشك فيه يتضمن حتما اليقين بوجود الذات؛ لأني إذا كنت شاكا فإني بهذا الشك أعلم أنني موجود، ومعنى ذلك أن الشك نفسه يتضمن إثبات وجود الكائن الشاعر وجودا لا يتطرق إليه الخطأ؛ لأني إذا كنت شاكا في كل شيء، فلن أخطئ في وجودي؛ إذ لا بد لكي أخطئ أن أكون موجودا.
وشعور الإنسان بوجود نفسه دليل على وجود الله؛ إذ كيف يتسنى لنا أن نشك في الأحاسيس التي ترد إلينا من العالم الخارجي إذا لم يكن لدينا إلى جانبها مقاييس للحقائق تختبر بها هذه المدركات الحسية، فإن من يشك يجب أن يكون عالما بحقيقة؛ لأنه لا يشك إلا من أجل هذه الحقيقة وعلى أساسها. وبديهي أن هذه الحقيقة لم تجئه من العالم الخارجي، بل من مصدر آخر هو الله، ثم يستمر أوغسطين فيقول: إن للإنسان فوق الحواس عقلا يمكن به أن يدرك الحقائق المجردة، كقوانين المنطق، وقواعد الخير والجمال. وهذه الحقائق لا تتغير بتغير الأفراد، بل هي واحدة لدى كل من يفكر. والإنسان لا يستمد علمه كله من الأشياء الخارجية وحدها، إنما يستقيها كذلك من معينها الدافق الفياض - من الله - وأول واجبات هذا العقل أن يلتمس الحقيقة لا لذاتها، بل لأنها وسيلة لازمة لسعادته، وسبيله إلى الحقيقة هو التأمل وطهارة القلب وممارسة الفضيلة، وكلما ازداد القلب من هذه الطهارة التي تمكن العقل من إدراك الحقيقة الإلهية إدراكا واضحا ازدادت في الإنسان قوته العقلية السامية التي ترتفع بالعقل عن مستوى المعرفة الحسية إلى حيث ينفذ إلى قوانين الكون، وإلى الجميل والخير. وإذن فالعقل أداة صالحة لتحصيل المعرفة الحقة، ومعينها النهائي هو الله الذي يفيض على الأشياء كنهها وجوهرها بواسطة كلمته:
Logos
أو
Página desconocida