Historia de la Literatura en el Mundo (Parte Primera)
قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)
Géneros
ومعنى زيوس «النهار أو الضوء»، ونظرت الأم فوجدت ولدها مشرق المحيا، فعز عليها أن يبتلعه أبوه واحتالت لنجاته فلفت حجرا في قماط وألقمته الأب وهربت بابنها إلى جزيرة كريت حيث أودعته عند جدته جيا.
بجزيرة كريت نما «زيوس» وترعرع، ولكنه لم يكد يبلغ أشده حتى علم بوجود التيتان
29
أعمامه إخوة كرونس، فثار غضبهم؛ إذ إنهم لم يسلموا لكرونس بالسيادة إلا على شرط ألا يعقب أحدا يمكن أن يخلفه في الملك، فأما وقد أفلت من أبنائه ولد فهم في حل من عهدهم، بل لا بد لهم من إنزاله عن عرشه ليتخلصوا منه ومن ولده. وكانت معركه حامية اهتز لها الوجود كله وأوشك «كرونس» أن ينهزم وقد وجد نفسه وحيدا أمام جموع إخوته التي تركزت فيها قوى العالم لولا أن خف «زيوس» إليه. ونظر زيوس فرأى بوادر الهزيمة، فأسرع إلى أبيه يجرعه شرابا لم يكد يتناوله حتى رد ما ابتلع من أبنائه، فقاموا بجوار أبيهم في مناهضة أعدائهم، حتى كانت لهم ولأبيهم الغلبة.
انتصر كرونس وكان الفضل الأكبر في انتصاره لزيوس الذي لم ينس أنه لم ينج من أبيه إلا بحيلة أمه، والذي كان يعلم حق العلم أن لا بقاء مع «الزمن» لشيء ولا لأحد. وتطلع زيوس إلى الخلود فأخذ بتلابيب «كرونس» وألقاه إلى الأرض حيث سقط إلى جوار روما، فيما يروي «فرجيل» شاعر اللاتين الذي حسب أن سقوطه بجوار تلك المدينة العريقة سيضمن لها الخلود، ولكننا لسوء الحظ نلحظ أن نزوله إلى الأرض لم يحفظ روما ولا حفظ غيرها.
تخلص زيوس من كرونس فضمن الخلود.
وانتصار زيوس هو انتصار النهار على الزمن. انتصار هذا الجزء من اليوم الذي يعود كل صباح إلى الظهور، فهو انتصار الحياة المتجددة على الفناء المستمر. وهكذا عبر الخيال اليوناني من الزمن المدمر الذي يفني بعضه بعضا إلى النهار الذي يعقبه الليل، إلى الحياة يتلوها الفناء.
انتصار النهار على الزمن انتصار لمقياس محدود وقانون مطرد على امتداد الزمن الذي لا أول له ولا نهاية، فهو انتصار للمحدود على اللامحدود، انتصار للنظام على الفوضى، ومن هنا سمى هوميروس زيوس «سيد النظام».
بذلك وصل الخيال اليوناني في فهمه لنشأة الآلهة ونشأة الكون إلى مبدأين أساسيين: (1) مبدأ الخلق والفناء. (2) مبدأ النظام الذي يسود هذا الوجود.
انفرد زيوس بالسيادة وقد ضمن الخلود بخلاصه من الزمن، و«زيوس» كما رأينا رمز النظام. رمز هذا الخبر الذي يسير الوجود وفقا لقوانينه، بحيث لا بد لهذا الإله الجديد من إخضاع ما بقي من قوى خلفتها الآلهة القديمة. فها هي الرياح ما تزال تهب والبراكين تثور ... إلخ، على غير سنن واضح، حتى لكأنها عناصر الثورة في هذا الوجود، ثورة إليها يرمز الخيال اليوناني عندما يحدثنا عما كان من نشوب الحرب من جديد بين زيوس وبين إخوته وبني عمومته من العمالقة،
Página desconocida