Historia de la Literatura en el Mundo (Parte Primera)

Zaki Najib Mahmud d. 1414 AH
80

Historia de la Literatura en el Mundo (Parte Primera)

قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)

Géneros

الأدب اليوناني

(1) أساطير اليونان

كانت حياة الإنسان الأول شاقة عسيرة، وكان العالم من حوله يعج بظواهر لا يفهمها، ومشكلات لا يقوى على تعليلها، ولكنه كلما ازداد على مر الزمان خبرة وذكاء ازداد رغبة في فهم هذه الطبيعة وتفسيرها؛ فما أصل العالم؟ وكيف خلق الإنسان والحيوان؟ كيف نشأت أفلاك السماء في مسالكها ونظامها؟ كيف نعلل حركات الشمس والقمر؟ لماذا كانت هذه الشجرة حمراء الزهر وذلك الطائر أسود الذيل؟ ما أصل هذا وذاك من كل ما يحيط بالإنسان؟

حاول الإنسان الأول أن يجيب عن هذه الأسئلة وأشباهها، وهو في محاولته الإجابة لم يكن يفرق بين الإنسان وسائر الكائنات كما نفعل اليوم، إنما الكائنات في رأيه مخلوقات سواء؛ فكل حيوان له روح كروح الإنسان، وكل شيء في الوجود له شخصية كشخصية الإنسان. وينبئنا «هيرودوت» أن المصريين الأولين كانوا يعدون النار حيوانا نشيطا، والرياح كائنا حيا يتزوج ويعقب الأبناء.

على هذا الأساس أخذ الإنسان الأول في تفسير الطبيعة، فكان من الطبيعي أن ينسج القصص حول ظواهر الكون كما تنسج حول أفراد الإنسان؛ فلكل ظاهرة قصتها، أو أسطورتها التي تشرح تاريخها، فتكونت بذلك طائفة من الأساطير تصور عقلية الإنسان الأول في فهمه للأشياء. ولما بدأ الإنسان في إنشاء أدبه وتدوينه، لم يجد بدا من تسجيل تلك الأساطير الأولى التي أخذت تتوارثها الأجيال، وكل جيل جديد يضيف إليها شيئا من إنتاجه يصور وجهة نظره في مشكلات الحياة والموت وعلاقة الإنسان بالعالم الذي يعيش فيه.

هذه الأساطير - التي اتخذها الأدب أساسا يقوم عليه - متنوعة متعددة كما تتنوع ظواهر الحياة وتتعدد.

فهذه أساطير عن أصل العالم وأصل الإنسان، وهذه أساطير عن فنون الحياة تقص علينا كيف تعلم الإنسان رماية الرمح وجر المحراث وصناعة الخزف وهكذا، وهذه أساطير تدور حول الشمس والقمر والنجوم، وأخرى تتعلق بالموت وما بعد الموت. ثم هذه مجموعة من الأساطير - لعلها أروعها وأمتعها - تتصل بالحب وعلاقة الرجال بالنساء. والصفة المشتركة بين هذه الأساطير كلها هي الشخصية التي تخلعها على الحيوان والجماد. وقد أدت هذه النظرة بالإنسان إلى العقيدة بوجود آلهة لا عدد لهم يسكنون ويكمنون في كل ظواهر الوجود، ويعنون بشئون البشر فيرقبونها ويتدخلون في مجراها في شغف واهتمام، وكثيرا ما يقف بعض الآلهة موقف العداوة من الإنسان، لهذا لم يكن بد عند الإنسان الأول من عبادة الآلهة وخشية بطشها. ومن هنا كانت هذه الأساطير وثيقة العلاقة بنشأة الدين. ولما كانت طلائع الأدب تدور في جملتها حول الآلهة وما يعملون، ثم لما كان الدين قد استتبع في تطوره إنشاء المعابد، فقد صار المعبد الديني في كثير من بلاد العالم القديم مأوى الآداب.

وإنه لمن أروع وأهم ما يرويه تاريخ الإنسانية هذا التشابه الشديد بين أمم الأرض في أغانيها الشعبية وفي أساطيرها، فأغاني الشرق وأغاني الغرب متفقة في الموضوع، وكل شعوب العالم تقص قصصا متشابهة أو متقاربة. أيكون هذا الاتفاق حادثا عارضا؟ أم نعلل اتفاق الهنود والفرس والإغريق والرومان والجرمان وأهل اسكندناوه والروس والكلتيين بأنهم جميعا استمدوا أساطيرهم من الجنس الذي عنه تفرعوا جميعا، وهو الجنس الآري الذي كان مقره هضبة آسيا الوسطى قبل أن يهاجر نحو الغرب في موجات متلاحقات ليؤسس الأمم الأوروبية؟ قد يكون هذا التعليل مقبولا لولا أنه لا يفسر التشابه بين الآريين وغير الآريين.

لهذا كان الأرجح أن يكون تشابه الأساطير عند مختلف الشعوب راجعا إلى أنها نتيجة تجارب متشابهة وعقليات متقاربة وعواطف متجانسة يحسها الإنسان ما دام إنسانا، فهي إنتاج العقل والعاطفة الإنسانية في بدايتهما.

ونحن نبسط لك أمثلة من أساطير اليونان، لما لها من أثر قوي في الآداب العالمية وخاصة الأدب الأوروبي: (1-1) قصة: كيوبد وسيكه

Página desconocida