Historia de la Literatura en el Mundo (Parte Primera)
قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)
Géneros
الأدب في الشرق القديم
عرفت من حديثنا إليك في نشأة الأدب، أن تاريخه يبدأ قبل الكتابة بزمن طويل. وكان الرقص أول ما ظهر من الفنون، فإذا ما أرخى الليل سدوله على إنسان العصر الأول، رقص الراقصون حول نار يشعلونها ليمرحوا ويفرحوا بعد ما أصابوه من ظفر ونصر على أعدائهم في ساعات النهار؛ وإنهم في رقصهم ذاك ليصيحون ويصرخون من نشوة الطرب، فلا تلبث تلك الصيحات والصرخات أن تتماسك أجزاؤها، وتنسجم نغماتها، بحيث تناسب توقيع الرقص. وهكذا كانت أول أغنية بدأت في تاريخ الأدب أغنية حربية يتغنى بها الظافرون .
وفي الوقت نفسه كانت فكرة الله عند الناس تستوي وتستقيم في أذهانهم؛ فما إن صارت كذلك حتى أنشئوا الصلوات والدعوات يضرعون بها إلى الله، وكلما تقادم الزمن أخذت تلك الأناشيد الحربية، وهذه الصلوات الدينية، تزداد رسوخا بتكرارها جيلا بعد جيل؛ كل جيل يضيف إلى تراث السالفين.
فلما تقدمت بالإنسان حضارته اضطرته الحاجة إلى الكتابة؛ فقد كان لا بد له من طريقة يسجل بها أشياء يخشى عليها النسيان، وكان لا بد له من وسيلة يخاطب بها من يفصله عنه بعد المكان، لهذا اضطر الإنسان الأول - مدفوعا بضرورة الحياة - أن يصطنع طريقة للكتابة. أما وقد كتب فليدون إذن ما كان قد أنشأه من أناشيد النصر ودعوات الدين. ولا شك أن من كان يستطيع الكتابة والقراءة بين أولئك الأقدمين نفر قليل. وأول صورة ظهرت فيها الكتابة لم تزد على نقوش ساذجة، يصورها كاتب، وينحتها على الصخر ناحت، ثم أصبحت الكتابة نقشا بمسمار على أقراص من الطفل المجفف، وقد وجدت في «كلديا»
1
نماذج من هذه القوالب الطفلية، دونت في إحداها قصة الطوفان، ولعلها أن تكون أقدم أثر مكتوب، وهناك شبه كبير بين قصة الطوفان الواردة في سفر التكوين والرواية الكلدانية التي سبقت التوراة بآلاف السنين.
كان الكاتب في كلديا مأجورا للملك يصحبه إلى حومات الوغى وساحات الحروب، ليثبت لمليكه ما يغزو من المدن، وما يفتك به من الأعداء، وما يظفر به من الغنائم والأسلاب، ثم ليشيد قبل كل شيء بإقدام سيده وبسالته في القتال. وكانت الدولة تستخدم إلى جانب هؤلاء الكتاب طائفة من الكهان تنقش على قوالب الطفل الصلوات والدعوات، وطائفة ثالثة تكتب قواعد الزراعة وحوادث السياسة ومبادئ التنجيم. (1) الأدب المصري
ويشارك الأدب الكلداني في القدم أدب المصريين القدماء الذي سجل على الآثار وأوراق البردي. وأقدم كتاب مصري انتهى إلينا علمه هو «كتاب الموتى» الذي دون في عصر بناء الهرم الأكبر، ولا تزال نسخة منه محفوظة في المتحف البريطاني؛ وفيه دعوات للآلهة وأناشيد وصلوات، ثم وصف لما تلاقيه أرواح الموتى في العالم الآخر من حساب، يتبعه عقاب أو ثواب؛ وكانت توضع نسخة من هذا الكتاب مع جثمان الميت في قبره، ليكون دليلا للروح يهديها في رحلتها إلى العالم الثاني. ومن هذا ترى أن الفكرة الأدبية في مصر القديمة ازدهرت بين جدران المعابد، وأن الجزء الأكبر من الأدب المصري كان قائما على أساس الدين، وهاك مثالا لما ورد في «كتاب الموتى» من الدعوات، وهو ما يدافع به الميت عن نفسه أمام قضاته في العالم الثاني:
السلام عليك أيها الإله الأعظم؛ إله الحق. لقد جئتك يا إلهي خاضعا لأشهد جلالك ... جئتك يا إلهي متحليا بالحق متخليا عن الباطل، فلم أظلم أحدا ولم أسلك سبيل الضالين، لم أحنث في يمين، ولم تضلني الشهوة فتمتد عيني لزوجة أحد من رحمي، ولم تمتد يدي لمال غيري، لم أقل كذبا، ولم أكن لله عاصيا، ولم أسع في الإيقاع بعبد عند سيده. إني - يا إلهي - لم أجع أحدا ولم أبك أحدا، وما قتلت وما غدرت، بل وما كنت محرضا على قتل؛ إني لم أسرق من المعابد خبزها، ولم أغتصب مالا حراما، ولم أنتهك حرمة الأموات، ولم أرتكب الفحشاء، ولم أدنس شيئا مقدسا؛ إني لم أبع قمحا بثمن فاحش، ولم أطفف الكيل ... أنا طاهر، أنا طاهر، أنا طاهر، أنا طاهر ... وما دمت بريئا من الإثم ... فاجعلني اللهم من الفائزين.
ولكن إلى جانب هذا الأدب الديني، لم يعدم المصريون القدماء أن يكون لهم أدب في تمجيد الملوك، وأن يكون لهم كذلك أدب شعبي يروي ما يدور بين الناس من قصص وأساطير وحكمة وقانون، ولهم في ذلك كتاب «الوصايا» ل «بتاح حوتب».
Página desconocida