قال أبو الفتح: تقول العرب: قرط فلان فرسه العنان، يستعمل ذلك على وجهين: أحدهما أنه طرح اللجام في رأس فرسه، وربما استعمل للفارس إذا مد يده بعنانه حتى يجعلها في قذال فرسه للحضر، والبيت يحتمل أمرين وراجعات، أي بلد إلى بلد العدو فإن بعيد ما طلبت قريب عليها لسرعتها.
قال الشيخ: ذكر تقريظ الأعنة والعود إلى بلد العدو، وأصاب فيهما غير أنه لم يفسر المعنى كما يتصور، والمتنبي يقول قبله:
وأنتَ المَلكُ تُمرضُه الحشايا ... لهمَّتهِ وتشفيهِ الحروبُ
يحثه على مراجعة بلد الروم ومقاساة الحروب ليبرأ من شكاته، ويعاجل بمعافاته متئدًا غير مسرع كما قال حتى يجعل الأعنة في قذاله للحُضر، والبيت لا يحتمل الأمرين، لا يحتمل إلا طرح اللجام في رأس الفرس لقوله:
. . . . . . . . . . . . . . . ... فإنَّ بعيدَ ما طلبت قريبُ
فإنه لا يحتمل غير قولك: ألجم الخيل، وعاود الروم متأنيًا، فإن الأمد البعيد قريب عليها لميعتها وسبلها ومرحها وقوتها، ولا يحسن أن تقول: ألجم الخيل وعاود العدو مسرعًا متعجلًا، فإن البعيد قريب عليها، فإن هذه اللفظة تقتضي أن يكون القريب بعيدًا عليها حتى تحتاج أن تعجل وتسرع، وقد تبين أن البيت ر يحتمل الأمرين، وإنما
1 / 36