قال أبو الفتح: أي أنا أحزن لذهاب عقلي حتى أني قد خفي عليّ حزني، فإنما ذلك لما لقيت فيكِ من الجهد.
قال الشيخ: ذهاب العقل هاهنا قلق، وإن كان في معناه طرف منه، وإن الرجل يقول: أسفي على أسفي لا على ذهاب عقلي، والأسف: الحزن على الفائت، فهو يقول: أسفي على الذي حيرتني عن معرفته بأنواع الأحزان والهموم في حاضر الأحوال، فلست أعرفه ولا أتأسف على ما فاتني من وصالك ونوالك وإحسانك وإجمالك وإنعامك وإفضالك لما ألقى منك في العاجل من الهم الناصب والبلاء الواصب، ومن شغل اليوم بنفسه لم يتفرغ للتأسف على ما فاته في أمسه، فكأنه ينظر إلى قول الأول:
بَلَى إِنَّها تَعفو الكُلومُ وَإنَّما ... نُوَكَّلُ بالأدنى وإن جَلَّ ما يمضي
(نَفَذَتْ عَليَّ السَّابريَّ ورُبَّما ... تَندَقُّ فيهِ الصَّعدةُ السَّمراءُ)
قال أبو الفتح: السابري يعني به الثوب الرقيق، وكذلك كل ثوب رقيق عندهم سابري.
1 / 13