يا له من نبيذ رائع! ... لقد أخذت أحس بمفاصلي تنخدر، وكان الفراش إلى جواري فتمددت قليلا لكي أدخن سيجارة، وأنا أرتشف من كأسي القطرات الأخيرة ذات اللون العنبري، ومن خلال دخان الطبقا أخذت انظر إلى مدام مرجيولا، وهي جالسة على مقعد في مواجهتي تلف لي السيجار، وقلت لها: حقا يا مدام مرجيولا، إن عينيك رائعتان ... ولكني أريد ... - ماذا؟ - قهوة أخرى إذا كان ذلك لا يضايقك، ولكن أقل سكرا هذه المرة!
وأخذنا نضحك، وحملت الخادمة القهوة وقالت: يا سيدتي ... إنك هنا تتحدثين ولا تعرفين ماذا يحدث في الخارج! - ماذا هناك؟ - لقد أخذت الرياح تهب وستدمر كل شيء!
وفي غمضة عين وقفت ونظرت في الساعة، فإذا بها العاشرة وثلاثة أرباع، وهكذا بدلا من أن أمكث نصف ساعة في الفندق مكثت ساعتين ونصف، وهذا ما يحدث عندما نأخذ في الثرثرة. - فليحضروا لي حصاني! - من؟ ... لقد نام السواس! - إذن أذهب بنفسي إلى الحظيرة؟
وقالت مدام مرجيولا وقد انفجرت ضاحكة، ووقفت بيني وبين الباب: لقد سحرتك أسرة الحكمدار!
وفي رفق نحيتها عن طريقي ووصلت إلى الشرفة، وكان الجو مريعا حقا، فالنيران التي أشعلها سائقو العربات قد انطفأت، والحيوانات والناس قد ناموا فوق أكوام سيقان الذرة، وقد انكمش بعضهم إلى جوار بعض على الأرض، بينما أخذت الرياح تنبح هائجة في الفضاء.
وصاحت مدام مرجيولا - وهي ترتعد، وقد أمسكت بيدي بقوة: «إن العاصفة في هياج، ولست مجنونا لكي ترحل في مثل هذا الجو! اقض الليلة وسافر غدا في وضح النهار.» - هذا مستحيل.
وانتزعت يدي من يدها، واتجهت نحو الحظيرة، حيث أيقظت سائسا بعد عناء وأخرجت حصاني، وبعد أن لسعته بالسوط قدته حتى المدخل وصعدت إلى الحجرة لكي أودع مضيفتي فوجدتها جالسة فوق الفراش غارقة في أفكارها، وقد أمسكت بين يديها بقلنسوتي تقلبها بلا انقطاع.
وطلبت منها الحساب فأجابت - وقد ركزت نظراتها إلى قاع قلنسوتي: ستدفع عند عودتك.
ثم نهضت وقدمتها إلي، فأخذتها ووضعتها على رأسي منحرفة قليلا، ونظرت إلى المرأة في عينيها التي كانت تلمع بشكل غريب وقلت لها: إنني أقبل عينيك يا مدام مرجيولا. - سفر سعيد.
وقفزت فوق السرج، وفتحت لي الخادمة باب الساحة وخرجت، وارتكزت بيدي اليسرى فوق عجز الحصان، والتفت إلى الخلف، ومن خلف السياج العالي لمحت باب الغرفة مفتوحا على مصراعيه، وفي فجوته شبح المرأة الأبيض، وقد قوست يديها فوق حاجبيها.
Página desconocida