قالت: «مكان كبير واسع به العديد من الأشجار الظليلة، ومنازل جميلة، وأنهار كثيرة من العسل واللبن، وكل ما تطلبه يأتيك فورا!»
التمعت عيناه شغفا، فغر فاه للحظات وهو ينظر للسماء المحمرة بلون الغروب، ويتخيل ما وصفته له خلف السحب، تذكر شيئا فجأة، فتح حقيبته القماشيه وأخرج منها صورة الريف الأوروبي، فردها بحرص بالغ! «زي المكان ده؟» سألها.
مدت عنقها ناحية الصورة، كسلحفاة عجوز، تأملتها قليلا ثم قالت: «أجمل من كده كمان، وبتشوف الله كل يوم!» «الله عامل كيف؟» سألها.
قالت: «رب العالمين جالس على العرش، عطوف، عادل، سيصنع لك منزلا جميلا يحميك من البرد والحر، ويرسل لك الملائكة لتنفذ كل طلباتك!»
تبادرت لذهنه صورة والدة الصبي في المطعم المقابل للشارع؛ إذ تحتضن طفلها في حرص، تخيل الله يبدو مثلها، عطوف، حام!
تطايرت أفكاره.
راح يحملق في الصوره المفرودة بين يديه الصغيرتين للحظات، قال وهو يمسح عليها بإصبعه: «لما أكبر عايز أعيش هنا.»
نظرت له في صمت، نظرتها غريبة، طوى الصورة في حرص ووضعها داخل الحقيبة القماش، ثم راح يحملق في المارة، ثم للكتب المعروضة، أشار لأحدها وسألها: «ما هذا؟» مدت له الكتيب بابتسامة واسعة، قالت: «حصن المسلم!»
فتح الكتيب من منتصفه، قرأ بصعوبة: «اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر.»
سألها: «ده قرآن؟»
Página desconocida