وانطلق يزيد يمشي وفاختة تتبعه بصرها، ثم قالت: لعن الله سواد ساقي أمك، فقال معاوية: أما والله إنه لخير من ابنك عبد الله. وهو ولده منها وكان أحمق. فقالت فاختة: لا والله ولكنك تؤثر هذا عليه، فقال: سوف أبين لك ذلك حتى تعرفيه قبل أن تقومي من مجلسك هذا، ثم دعا بابنها عبد الله فقال له: ((قد بدا لي أن أعطيك كلما تسألني في مجلسي هذا))، فقال: ((اشتر لي كلبا قاربا وحمارا فارها))، فقال: يا بني أنت حمار ونشتري لك حمارا. قم فاخرج، ثم قال لأمه: كيف رأيت؟ ثم استدعى بيزيد فقال: إني قد بدا لي أن أعطيك كلما تسألني في مجلسي هذا، فخر يزيد ساجدا ثم قال حين رفع رأسه: الحمد لله الذي بلغ أمير المؤمنين هذه المدة، وأراه في هذا الرأي، حاجتي أن تعقد لي العهد من بعدك، وتوليني العام صايفة المسلمين، وتأذن لي في الحج إذا رجعت، وتوليني الموسم، وتزيد أهل الشام عشرة لكل رجل في عطائه، وتجعل ذلك بشفاعتي، وتفرض لأيتام بني جمح وأيتام بني سهم وأيتام بني عدي، فقال ولأيتام بني عدي؟ فقال لأنهم حالفوا وانتقلوا إلى داري فقال معاوية: ((قد فعلت ذلك كله، وقبل وجهه ثم قال لفاختة بنت قرظة: كيف رأيت؟
Página 26