الذي يظهر لي أن (البحر) يحكي أن الإمام القاسم الرسي قد فسر متعلق الحديث الشريف(1) برأيين مختلفين:
الرأي الأول: أن منطوق قول الحديث يدل على وجوب القضاء على الناسي أو النائم، ودلالته على العامد من باب أولى من باب مفهوم الحديث.
الرأي الآخر: أن الحديث لا يدل إلا على وجوب القضاء على الناسي أو النائم، ولا دلالة فيه على العامد.
ولكني لا أذهب إلى هذا التفسير، ولا أعتقد بأن الإمام القاسم الرسي قد صار فكره محدودا لهذه الدرجة؛ إذ أن باب المنطوق والمفهوم من أبواب أصول الفقه، وتعتبر من أدوات الفقيه في استخراج الأحكام الشرعية، وغير بعيد منا قوله تعالى: ?فلا تقل لهما أف? (2)؛ فمنطوق الآية يحرم التأفف تجاه الوالدين، ولكن مفهوم الآية أوسع وأشمل من ذلك؛ فهي تحرم من باب أولى الضرب والسب وغير ذلك.
ولذلك فإني أعتقد أن مراد الإمام ابن المرتضى في إيراد أقوال الإمام القاسم؛ إنما هو بيان حكم القضاء على العامد؛ هل هو على الفور أو التراخي؟
وبالتالي فللإمام القاسم القولين الآتيين:
القول الأول: أن وجوب القضاء على العامد على سبيل التراخي.
القول الآخر: وجوب القضاء على العامد على الفور.
Página 33