القول بثبوت الحقيقة الشرعية وعدمه بأن يقال بطلان قوله على القول بثبوت الحقيقة الشرعية واضح فإن الصلاة اسم لهذا المركب وكذا الغسل والوضوء فكيف يحملها على الدعاء والغسل بفتح الغين وعلى القول بعدمها فبعد وجود القرينة الصارفة عن اللغوي لا بد أن يحمل على الشرعي لكونه أشهر مجازاته وأشيعها فهو غريب لما عرفت من أنه منكر للحقيقة الشرعية بل منكر للماهيات المحدثة ثم بعد القول ببطلان مذهب هذا النافي والبناء على المشهور من كون تلك العبادات ماهيات محدثة فهل يجوز إجراء أصل العدم فيها بمعنى أنا إذا شككنا في كون شئ جزء لها أو شرطا لصحتها فهل يمكن نفيه بأصالة العدم أو لا بد من الاتيان بما يوجب اليقين بحصول الماهية في الخارج فيه خلاف ولا بد في تحقيق ذلك من تمهيد مقدمة وهي أنهم اختلفوا في كون العبادات أسامي للصحيحة أو الأعم منها وهذا الخلاف أيضا لا يتوقف على القول بثبوت الحقيقة الشرعية فيها بل يكتفى فيه بثبوت الحقيقة المتشرعة ومطلق استعمال الشارع تلك الألفاظ فيها فالنزاع في الحقيقة في أنه متى أطلق لفظ دال على تلك الماهية المحدثة فهل يراد الصحيحة منها أو الأعم والثمرة في هذا النزاع تظهر فيما لم يعلم فساده فهل يحصل الامتثال بمجرد عدم العلم بالفساد لصدق الماهية عليها أو لابد من العلم بالصحة مع الشك في مدخلية شئ في تلك الماهية جزء كان أو شرطا فلا يحكم بمجرد فقدان ذلك بالبطلان على الثاني بخلاف الأول للشك في الصحة وما يظهر من كلام بعضهم من التفرقة بين الشك في الجزء والشرط وإن الأول مضر على القول الثاني أيضا فلعله مبني على أن المركب لا يتم إلا بتمام الاجزاء فكيف يقال بصدق الاسم على الثاني مع الشك في جزئية شئ آخر له وفيه أن مبنى كلام القوم على العرف وانتفاء كل جزء لا يوجب انتفاء المركب عرفا ولا يوجب عدم صدق الاسم في التعارف ألا ترى أن الانسان لا ينتفي بانتفاء اذن منه أو إصبع عرفا بخلاف مثل رأسه ورقبته والحاصل أنه لا ريب في أن الماهيات المحدثة أمور مخترعة من الشارع ولا شك أن ما أحدثه الشارع متصف بالصحة لا غير بمعنى أنه بحيث لو اتى به على ما اخترعه الشارع يكون موجبا للامتثال للامر بالماهية من حيث هو أمر بالماهية لكنهم اختلفوا هذا الاختلاف بوجهين أحدهما أن نقول إذا وضع الشارع أسماء لهذه المركبات أو استعمل فيها بمناسبة فهو يريد تلك الماهية على الوجه الصحيح بالمعنى المذكور من الحيثية المذكورة وهذا القدر متيقن الإرادة ولكنه لما كان الماهية عبارة من المركب عن الاجزاء بأجمعها من دون مدخلية الشرائط والشرائط خارجة عنها ولا مانع من وضع اللفظ بإزاء الماهية مع قطع النظر عن كونها جامعة للشرائط ولا من وضعه بإزاء الماهية مع ملاحظة
Página 40